الزاوية الهبرية الدرقاوية الشاذلية مداغ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الشيخ سيدي محمد مختار الهبري رضي الله عنه شيخ الطريقة الهبرية مداغ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 "صفات الذات الإلهية بين منهج الصحابة ومنهج السلفيين الجدد"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لزاوي محمد مقدم الطريقة

لزاوي محمد مقدم الطريقة


عدد المساهمات : 265
تاريخ التسجيل : 01/08/2015
العمر : 44

"صفات الذات الإلهية بين منهج الصحابة ومنهج السلفيين الجدد" Empty
مُساهمةموضوع: "صفات الذات الإلهية بين منهج الصحابة ومنهج السلفيين الجدد"   "صفات الذات الإلهية بين منهج الصحابة ومنهج السلفيين الجدد" Emptyالجمعة مارس 11, 2016 4:17 pm

"صفات الذات الإلهية بين منهج الصحابة ومنهج السلفيين الجدد"
أثنى الله على المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين فقال تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) [سورة التوبة 100] ؛ كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرقة الناجية بقوله: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" . فمن أرادَ النجاةَ فليلزم طريق الصحابة فقد علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صفات الله كلها بألفاظ واضحة صريحة ولن نظفر بخير فاتهم، لذا فعلم الكلام مهما قل أو كثر إن كان مؤداه أن نقول في باب الصفات ما لم يقله الصحابة فبئس العلم. وليس هناك عقيدة للسلف وعقيدة للخلف فلن يصلح خلف هذه الأمة إلا بما صلح به سلفها ولن يفلح سلف ولا خلف إلا بالاقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم فهم خير القرون.
*
*
عقيدة الصحابة عقيدة السلف الحقيقيين:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره القيل والقال، وقد علم أمته صفات الله على أكمل وجه. والتعبير عن صفات الله توقيفي نقف فيه على كلام الله ورسوله وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم فيسعنا ما وسعهم. لذا نقول إن الله خلق آدم بيديه ونفخ فيه من روحه وكل شيء هالك إلا وجهه، ولا نقول أكثر مما قاله الله ورسوله، فالسكوت على ما سكت عنه الصحابة وإمرار ما أمروه لا نزيد عليه ولا ننقص هو عقيدة السلف الحقيقيين، والبدعة في العقيدة هي أن نقول ما لم يقله الصحابة إذ لو كان القول خيراً لسبقونا إليه. قال ابن كثير في قوله تعالى: "والأرض جميعا قبضته يوم القيامة" (وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف) . وقال الإمام الشوكاني في رسالة "التحف في مذاهب السلف" : (إن إمرار آيات الصفات على ظاهرها هو مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين) . وقال أيضا: (وسبب اختلافهم عدم وقوف المنتسبين إلى العلم حيث أوقفهم الله، ودخولهم في أبواب لم يأذن الله لهم بدخولها) . وقال: (كانوا إذا سأل سائل عن شيء من الصفات تلوا عليه الدليل وأمسكوا عن القال والقيل، وقالوا: قال الله هكذا ولا ندري بما سوى ذلك ولا نتكلف ولا نتكلم بما لم نعلمه ولا أذن الله لنا بمجاوزته) . وقال البيهقي في الأسماء والصفات 2/197،198 : (قال يحيى بن معين: شهدت زكريا بن عدي سأل وكيعا فقال: يا أبا سفيان هذه الأحاديث يعني مثل الكرسي موضع القدمين ونحو هذا؟ فقال وكيع: أدركنا إسماعيل بن أبي خالد وسفيان ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئا. وقال أبو عبيد: هذه الأحاديث التي يقول فيها: ضحك ربنا من قنوط عباده وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك قدمه فيها، والكرسي موضع القدمين، هذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق، حملها الثقات بعضهم عن بعض، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا أحدا يفسرها).
*
*
أمثلة من التأويل في كل كتب التفسير:
تأويل بعض الصفات لفهم مراد الله ثابت في كل كتب التفسير المعتبرة. يقول القرطبي في قوله تعالى "بل يداه مبسوطتان": (اليد في كلام العرب تكون للجارحة كقوله تعالى {وخذ بيدك ضغثا} ص44، وهذا محال على الله تعالى. وتكون للنعمة؛ تقول العرب: كم يد لي عند فلان، أي كم من نعمة لي قد أسديتها له، وتكون للقوة ؛ قال الله عز وجل {واذكر عبدنا داود ذا الأيد} ص17، أي ذا القوة. وتكون لإضافة الفعل إلى المخبر عنه تشريفاً له وتكريماً؛ قال تعالى: {يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ص75). وقال الشوكاني في "فتح القدير" : (والعرب تطلق غل اليد على البخل وبسطها على الجود مجازاً ولا يريدون الجارحة)، وفي آية "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي" قال الشوكاني: (أضاف خلقه إلى نفسه تكريماً له وتشريفاً مع أنه سبحانه خالق كل شيء، قال مجاهد: اليد هنا بمعنى التأكيد والصلة مجازاً كقوله "ويبقى وجه ربك" الرحمن27 وقيل أراد باليد القدرة يقال مالي بهذا الأمر يد ومالي به يدان ومنه قول الشاعر: "تحملت من ذلفاء ما ليس لي*** يد ولا للجبال الراسيات يدان"
وقيل التثنية في اليد للدلالة على أنهما صفتان من صفات ذاته سبحانه) . ونلاحظ أنه نسب القول بالمجاز لمجاهد وهو تابعي وذكر القول بأنها من صفات الذات بصيغة التمريض لضعفها. فالأصل في هذه الصفات أنها جوارح لكنها تطلق في لغة العرب كثيرا على ما تقوم به هذه الجوارح، فعندما قالت اليهود يد الله مغلولة كانوا يقصدون أنه بخيل كما قال ابن كثير ولم يقصدوا أن يديه موثقة، فرد الله عليهم بقوله "بل يداه مبسوطتان" ليدل على واسع كرمه سبحانه لأن الإنفاق باليدين يدل على شدة العطاء والجود. وحين يريد أحد أن يصف قدرته على غيره يقول هو في يدي وفي قبضتي. وللتأكيد على الملك والقدرة يقول هو في يميني ومنه ملك اليمين، وفي لسان العرب (وجه الشيء مستقبله، قال تعالى "فأَيْنَما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ اللهِ" ووجه النهار أوله وقوله عز وجل: كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وَجْهَهُ؛ قال الزجاج: أَراد إلا إيَّاهُ)، وفي تفسير ابن كثير لقوله تعالى "يوم يكشف عن ساق" أورد ابن كثير حديث البخاري "يكشف ربنا عن ساقه .." ثم أورد تأويلات الساق وهذا يدل على أن التأويلات تفسر الساق في الآية والحديث فقال: (عن ابن مسعود أو ابن عباس الشك من ابن جرير يوم يكشف عن ساق قال عن أمر عظيم كقول الشاعر وقامت الحرب عن ساق، وعن مجاهد يوم يكشف عن ساق قال شدة الأمر وقال ابن عباس هي أشد ساعة تكون في يوم القيامة) . ونلاحظ نقله تأويل الصحابة والتابعين للساق عن ابن جرير الطبري وهو أكبر المثبتين للصفات، ولم أجد قولا واحدا يقول إن الساق صفة من صفات الله، وقال الطبري في قوله تعالى "فثم وجه الله" (عن مجاهد قال فثم الله، وقال بعضهم فثم قبلة الله) فلم يكن المثبتون للصفات يذكرون التأويل على أنه انحراف عقائدي، ولا يوجد دليل على وجوب أخذ الصفات على ظاهرها وتحريم المجاز فيها. وقال ابن كثير "ولتصنع على عيني" أي بمرأى منا و"تجري بأعيننا" أي بمرأى منا، والصحابة لم يروا تعارضا بين الآيتين ولم يجتهدوا لمعرفة عدد الأعين، وقد كانوا يسألون ابن عباس عما يشكل عليهم من آيات ظاهرها التعارض، لذا لا ينبغي أن نقول إن لله عينين حقيقيتين يرى بهما لأن الصحابة لم يقولوا ذلك، وظهور فرق مبتدعة لا يخرجنا عن الوقوف على ما وقف عليه الصحابة.
*
*
حكم من أوهم أن الله جسم أو يتألف من أبعاض:
قال الإمام أحمد بن حنبل عن الجسم : (وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على كل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسماً لخروجه عن معنى الجسمية، ولم يجئ في الشريعة ذلك فبطل) كتاب اعتقاد الإمام المبجل أبي عبد الله أحمد بن حنبل.
الراجح في المذاهب الأربعة أن من قال إن الله جسم كأجسامنا فقد كفر لأنه مشبه، ومن قال إنه جسم لا كالأجسام فقد كفر، ومن أوهم السامع بأنه جسم فقد كفر لأنه إيهام بنقص. وإليك تفصيل ذلك في المذاهب الأربعة.
في مذهب الحنفية من قال هو جسم كالأجسام أو أطلق فقال جسم فقد وقع في بدعة مكفرة، ومن قال إن الله جسم لا كالأجسام فقد وقع في بدعة مفسقة وقيل مكفرة. في تبيين الحقائق للزيلعي: 1/135: (والمشبّه إذا قال: له تعالى يد ورجل كما للعباد فهو كافر ملعون وإن قال جسم لا كالأجسام فهو مبتدع; لأنه ليس فيه إلا إطلاق لفظ الجسم عليه وهو موهم للنقص فرفعه بقوله لا كالأجسام فلم يبق إلا مجرد الإطلاق وذلك معصية تنتهض سببا للعقاب لما قلنا من الإيهام بخلاف ما لو قاله على التشبيه فإنه كافر وقيل يكفر بمجرد الإطلاق أيضا وهو حسن بل أولى بالتكفير)
وعند المالكية لا يختلف الحكم عما عند الحنفية، وفي حاشية العدوي على شرح الخرشي: (من قال: جسم كالأجسام هذا هو الذي يكفر قائله, أو معتقده, وأما من قال: جسم لا كالأجسام فهو مبتدع على الصحيح) . وفي حاشية العدوي على كفاية الطالب 1/102: (وكمن يعتقد أن الله جسم كالأجسام, وأما من يعتقد أنه جسم لا كالأجسام فلا يكفر إلا أنه عاص; لأن المولى سبحانه وتعالى ليس بجسم)
أما الشافعية فلهم تفصيل فالتجسيم الصريح كفر وغير الصريح ليس بكفر والمراد بالتجسيم الصريح هو التصريح بأن الله جسم ذو أبعاد، وغير الصريح هو إثبات ما يلزم منه التجسيم, أو القول بأنه جسم لا كالأجسام. وفي البحر المحيط للزركشي 8/280: (وأما المخطئ في الأصول والمجسمة فلا شك في تأثيمه وتفسيقه وتضليله، واختلف في تكفيره)
وللحنابلة أيضا تفصيل: فعلماء ومجتهدي المجسمة عندهم كفار وعامتهم ومقلديهم ليسوا بكفار. ومن الحنابلة من يطلق التكفير على المجسمة من غير تفصيل ومنهم من يطلق عدم التكفير. نقل ابن حمدان في نهاية المبتدئين ص30 عن أحمد ( تكفير من قال عن الله جسم لا كالأجسام) ونقله صاحب الخصال من الحنابلة انظر كتاب تشنيف المسامع ص 346
*
*
الفارق بين إمرار آيـَـــــــــــاتِ! الصفات على ظاهرها وإثبات الــــــصِّــــفَـــــاتِ! على ظاهرها:
إمرار آيات الصفات على ظاهرها يعني عدم الخوض فيها وعدم السؤال هل هي على الحقيقة أم المجاز، لذا قال وكيع كما أسلفنا : "كنا لا نفسرها وما أدركنا أحدا يفسرها" . وهذا هو معنى إمرارها كما جاءت. أما إثبات الصفات على ظاهرها فهو أن نثبت لله كل ما نسبه إلى نفسه وحمله على الحقيقة ، كإثبات اليدين والوجه والساق ولا يكفي أن نقول إن مراد الله من الآية كذا وكذا كما يقول ابن كثير وغيره من المفسرين... لقد نسب الله لنفسه الروح في قوله تعالى "ونفخنا فيه من روحنا" ونسب سبحانه لنفسه الحبل في قوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا" ولم يقل عالم فضلا عن صحابي يجب أن نثبت لله روحا حقيقية وحبلا حقيقيا بالمعاني الظاهرة التي نعرفها... ونخشى أن يخرج علينا فيما بعد عالم تقي من أبناء السلفيين الجدد تربى على تأصيل إثبات ما نسبه الله لنفسه فيقول بوجوب إثبات الحبل والروح لله سبحانه، ثم يتهم هو وأتباعه إخوانهم السلفيين بأن قلوبهم مريضة بمرض التشبيه، وأنهم لما رأوا الإنسان له يدان وليس له حبل أثبتوا اليدين وعطلوا الحبل، فهم معطلة وهم شر أهل البدع والإلحاد.
*
*
توهمات وتخبطات السلفيين الجدد:
خلط بعض العلماء بين إمرار آيات الصفات على ظاهرها وإثبات الصفات على ظاهرها. بعضهم خلط متعمدا وكان كذاباً لَبِسَ ثيابَ العلماء لإدخال التشبيه على الأمة كأبي مطيع البلخي، وبعضهم فعل ذلك بحسن طوية وحذر من إثبات الصفات على الحقيقة كالخطيب البغدادي، ومنهم من أثبتها ولم يحذر، ومع البعد عن زمن النبوة وجدنا شبابا قَـلَّ فقههم وزادَ اجتراؤهم يقولون على المنابر : (إن الله له وجه وعينان ويدان وأصابع ورجل وساق) ، وكأنهم يضعون صورة لله سبحانه، وهذا الأسلوب لم يرد عن الصحابة ويوحي بأن لله أعضاء وإن اختلفت عن أعضائنا في الشكل والحجم والجمال، وهذا يوهم بنقص وأن الله يتألف من أبعاض ولم يأذن الله لنا في اعتقاده. كما أن إضافة صفة العينين استنتاجا لما جاء في أحاديث الدجال أن الله ليس بأعور، فيه تكلف وتأثر بهيئة المخلوق واجتهاد في غير بابه. في كتاب "المفسرون بين التأويل والإثبات" قال المغراوي عند صفة العين ص619 : (قال ابن كثير في قوله تعالى "واصنع الفلك بأعيننا" أي بمرأى منا.. وكان ينبغي للحافظ ابن كثير أن يبين الصفة ثم يذكر اللوازم التي هي الرؤية). وعند صفة الحياء "إن الله لا يستحيي" قال ابن كثير أي لا يستنكف فقال المغراوي ص608 : (كان على ابن كثير أن يثبت الصفة اللائقة بالله تبارك وتعالى ثم يذكر لوازمها) ؛ وكذلك لم يعجبه كلام ابن جرير الطبري في صفة الحياء، فهؤلاء السلفيون الجدد أصَّلوا وجوب إثبات الصفات على ظاهرها وتحريم المجاز جهلا بلغة القرآن ثم حاسبوا المفسرين وما نسب للصحابة والتابعين من تأويل واعتبروه خروجا عن الأصل.
إن جهلنا بلغة العرب جعل المغراوي يقول في مقدمة كتابه : (إن المجاز طاغوت .. لهذا يندر أن تجد نحويا أو لغويا ذا عقيدة سلفية) وغريب قوله، فقد شهد على نفسه بأن اللغويين يميلون إلى القول بالمجاز ولاشك أن الصحابة كانوا لغويين، كما شهد على نفسه بأن مرجعيته ليسوا من أهل النحو واللغة. المشكلة الأعظم التي شـتـتـت الأمة هي زعــــمـــهـــم أن تأويل هذه الصفات ليس لمعرفة مراد المتكلم بل هو تأويل من بــــــاب الإلـــحـــاد في أسماء الله وصفاته، كذلك من فوض العلم بمعاني هذه الصفات إلى الله تعالى حتى لا يثبتها على الحقيقة كما فعل الخطيب البغدادي لم يسلم منهم أيضا وشنوا عليه حملتهم وسموهم المفوضة وقالوا إنهم يعبدون الوهم، وكأن هذه الصفات على ظاهرها هي جوهر الذات الإلهية وحقيقتها.
قد يعكس هذا رأيهم فيما رواه البخاري ومسلم مرفوعا : "خَلَقَ الله آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا" . فقد جعل بعض السلفيين الهاء في "صورته" عائدة على الله، وقال الشيخ ابن عثيمين في شرحه للأربعين النووية (ص34) : (من جعل الهاء عائدة على آدم فقد حرف تحريفا مشينا مستكرها لأن كل مخلوق فقد خلق على صورته وهذا هراء لا معنى له) . وهذا أيضا رأي ابن باز واستشهد بلفظ للحديث فيه "على صورة الرحمن" ، لكن جاء في "فتاوى الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في المدينة والإمارات" جمع وترتيب الشيخ عمرو عبد المنعم سليم صفحة (16-17) : أن الضمير عائد على آدم وتتمة الحديث وهي ستون ذراعا في السماء تغني عن التأويل. أي أنه لم يخلق طفلا ثم كبر كبقية البشر، أما حديث : (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) فذكر أنه ضعيف بهذا اللفظ لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت وهو مدلس, وقد رواه معنعنا في كل الطرق, وكلها تدور عليه.
*
*
الرد على أدلة السلفيين الجدد:
(1) ــ يقولون : "لو كان ذكر اليدين والوجه وغيرها في القرآن على غير الحقيقة لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعقل أن يترك أصلا من أصول التوحيد دون تبيين". ونحن نقول لهم: "هذا غريب فالعكس هو الصحيح، إذ لو كانت على الحقيقة ومن أصول التوحيد لبينها صلى الله عليه وسلم لأنه لم يترك أصلا من أصول التوحيد دون تبيين، ولا مانع أن يكون الصحابة فهموها على لغة العرب وأشعارهم وما فيها من مجاز لقول ابن عباس في طبقات القراء (1/426) : «إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر؛ فإن الشعر ديوان العرب» ، ورغم ذلك نقول بإمرار الآيات كما أمرها النبي وصحابته الكرام، فنثبت ما أثبتوه ونؤول ما أولوه ونسكت عما سكتوا عنه".
(2) ــ من أثبتَ لله صفة اليدين والوجه وغيرها مجردة دون أن يكتفي بتلاوة الآية والحديث لإمرار الأخبار كما جاءت كما هو منهج الإمام أحمد ومالك والشوكاني وابن كثير اعتمدوا على ما يلي:
ــ ما جاء عن الإمام أبي حنيفة في كتاب الفقه الأكبر من إثبات اليدين والوجه: قال المحققون ومنهم محمد الخميس وسفر الحوالي على موقعه : "إننا لا نستطيع إسناد كل ما في الكتاب إلى الإمام أبي حنيفة وإن كان للكتاب أصل عنه". وهم يقولون ذلك رغم أنهم سلفيون لأن الإمام الماتريدي أخذ عقيدته من الكتاب فيريدون أن يَرُدوا ما يخالفُ اعتقادَهم ويقبلوا ما يُوافقُهم. وأكثر المحققين على أن الكتاب كتبه أبو مطيع البلخي وقال إنه من إملاءات الإمام، فانظر ماذا قال العلماء في أبي مطيع: قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (2 / 335): (قال أبو حاتم الرازي: كان مرجئا كَـــذَّابـــاً) ؛ وقال ابن الجوزي ـ بعد حديث في أنّ الإيمان يزيد وينقص: «هذا حديث موضوع بلا شك، وهو من وضع أبي مطيع، واسمه الحكم بن عبد الله، قال أحمد بن حنبل: لا ينبغي أن يروى عنه شيء. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال أبو حاتم الرازي: كان أبو مطيع مرجئاً كاذباًابن أبي يعلى (الموضوعات 1: 130). فكيف نأخذ عقيدة الإمام أبي حنيفة من كذاب؟؟؟.
ــ ما جاء عن الإمام الشافعي في إثبات الصفات مجردة كقوله (وأن له يدين..) جاء من رواية أبي طالب العشاري، وقال الحافظ ابن حجر في ترجمته في لسان الميزان: (محمد بن علي بن الفتح أبو طالب العشاري شيخ صدوق معروف لكن أدخلوا عليه أشياء فحدث بها بسلامة باطن منها حديث موضوع في فضل ليلة عاشوراء ومنها عقيدة للشافعي...إلى أن قال: والعتب إنما هو على محدثي بغداد كيف تركوا العشاري يروي هذه الأباطيل) . وفي المقابل فقد ورد اعتقاد الشافعي في [سير أعلام النبلاء ج10 ص31] : «عن المزني قال: قلت إن كان أحد يخرج ما في ضميري، وما تعلَّق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي، فصرت إليه وهو في مسجد مصر، فلما جثوت بين يديه، قلت: هجس في ضميري مسألة في التوحيد، فعلمتُ أن أحداً لا يعلم علمك، فما الذي عندك؟ فغضب ثم قال: أتدري أين أنت؟ قلت: نعم. قال: هذا الموضع الذي أغرق اللهُ فيه فرعون، أبلغك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت: لا، قال: هل تكلم فيه الصحابة؟ قلت: لا، قال: أتدري كم نجماً في السماء؟ قلت: لا، قال: فكوكب منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، ممَّ خُلِق؟ قلت: لا، قال: فشيءٌ تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه؟». ونلاحظ قوله: هل تكلم فيه الصحابة؟
أما ما نسب إلى الحنابلة من أقوال ابن أبي يعلى في كتابه "الاعتقاد" فيكفي أن ابن أبي يعلى أورد في كتابه "إبطال التأويل" روايات واهية منها أن الله تعالى لما استوى على العرش اسْتَلْقَى وَوَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، ومنها أن الله خَلَقَ الْمَلائِكَةَ مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْر، وقال الإمام ابن الأثير في كتابه " الكامل في التاريخ" (8/16) ما نصه: "أنكر العلماء على ابن أبي يعلى بن الفراء الحنبلي ما ضمنه كتابه من صفات الله سبحانه وتعالى المشعرة بأنه يعتقد التجسيم" وقال في نفس الكتاب (8/104) "لقد خــــــــري ابن أبي يعلى على الحنابلة خـــريــــة لا يغسلها الماء"!! فهل نأخذ عقيدة الحنابلة منه ونترك ما جاء عن أبي بكر المروذي قال: « سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها، وقال: تلقتها الأمة بالقبول وتــمــر الأخــبــار كما جاءت » ؟ [مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص182]
وعقيدة الإمام مالك في الصفات: عن وليد بن مسلم قال: «سألت مالكاً، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات؛ فقالوا أمِرّوها كما جاءت». [الصفات للدارقطني ص75، الشريعة للآجري ص314، الاعتقاد للبيهقي ص118، التمهيد لابن عبد البر ج7 ص149]
أما رسالة الصفات للخطيب البغدادي وهي ضمن ما يعتمد عليه السلفيون الجدد لأنه صرح بإثبات الصفات مجردة فإنه ينبغي أن ننتبه إلى أن الإمام الحافظ رحمه الله لم يقصد أن يثبتها على الحقيقة بل أنكر ذلك في الرسالة نفسها بقوله: «وحققها من المثبتين قوم فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف» ؛ وكلمة حققها أي أثبتوها على الحقيقة. وكأنه رحمه الله يريد إثباتها ألفاظا ويفوض معناها إلى الله.
أما ابن خزيمة فقد قال الذهبي عنه: «كان رأسًا في الحديث.. رأسًا في الفقه.. من دعاة السنة.. وغلاة المثبتة».. وذلك كما في مختصر العلو للألباني رحمه الله.. ص226 طبعة المكتب الإسلامي.
أتمنى أن يكف السلفيون الجدد عن اتهام العلماء والدعاة في عقائدهم وتقسيم المسلمين إلى مفوضة ومؤولة فكفى الأمة تشتتا وضياعا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://habriya.7olm.org
 
"صفات الذات الإلهية بين منهج الصحابة ومنهج السلفيين الجدد"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشيخ محمد أبو زهرة 4 mars, 14:49 · "منهج الغلاة من السلفيين الوهابيين في التعامل مع المخالف"
» العهد ثابت في القرآن، والسنة، وسيرة الصحابة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الزاوية الهبرية الدرقاوية الشاذلية مداغ :: موقع الزاوية الهبرية الدرقاوية الشاذلية :: الزاوية الهبرية مداغ =لدخول لمجموع المواضيع من هنا-
انتقل الى: