ذكر الله قد يحدث منفردا أو مع جماعة ، وقد يحدث سرا أو جهرا ، وقد يعد على الأنامل أوعلى السبحة ، وذكر الله قد يكون بالمأثور أو بغير المأثور ، فيجوز انشاء ذكر بشرط ألا يتعارض مع الدين .
والذكر بالاسم المفرد لاشئ فيه ولا دليل على حرمته ، بل جاء الدليل على مشروعيته .
أما ما ورد في الذكر بالاسم المفرد ( الله ) من آيات فكثيرة منها .
- قول الله تبارك وتعالى { واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا } المزمل 8
- وقوله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: { قل الله ثم ذرهم } الأنعام 91
- وقوله تعالى : { واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا } الإنسان 25
- وقوله تعالى { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله }. لقمان 25
· وقد وردت أحاديث مشروعية الذكر باسم الله الأعظم منها .
- ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله، الله ".
أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان .
- وفي رواية أخرى عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله، الله . فها هو اسم الله المفرد يرد ذكره مكررا في هذا الحديث.
- قال العلامة علي القاري في شرح هذا الحديث: أي لا يذكر الله فلا يبقى حكمة في بقاء الناس ومن هذا يعرف أن بقاء العالم ببركة العلماء العاملين والعباد الصالحين وعموم المؤمنين .
(مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لملا علي القاري -ج 5 ص 226 ) .
- وفي رواية الامام أحمد في الزهد عن ثابت قال: كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكفوا فقال: " ما كنتم تقولون؟ قلنا نذكر الله- الله قال: إني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها ثم قال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم " .
- وقول سيدنا بلال الحبشي رضي الله عنه حين كان يعذبه أمية بن خلف أشد العذاب تحت حر شمس مكة: أحد أحد ، وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يسمع قوله ولا ينكر عليه وسكوته عليه الصلاة والسلام إقرار .
- وفى كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) فى معرض الحديث عن حكم العاجز عن قراءة الفاتحة فى الصلاة .....
فقد اتفق الشافعية والحنابلة على أن من عجز عن قراءة الفاتحة في الصلاة فإن كان يقدر على أن يأتي بآيات من القرآن بقدر الفاتحة في عدد الحروف والآيات فإنه يجب عليه أن يأتي بذلك . فإن كان يحفظ آية واحدة أو أكثر فإنه يفترض عليه أن يكرر ما يحفظه بقدر آيات الفاتحة . بحيث يتعلم القدر المطلوب منه تكراره . فإن عجز عن الإتيان بشيء من القرآن بالمرة فإنه يجب عليه أن يأتي بذكر الله كأن يقول : الله الله . . . مثلا . بمقدار الفاتحة .
فإن كان ذكر الله باسمه المفرد جائز فى الصلاة فما بالك بالذكر به خارج الصلاة ، أيكون فى الصلاة جائزاً ويكون خارجها بدعة وحرام !!.
· وقد يعترض البعض على الذكر باسم الله المفرد لأسباب منها .
1- انه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا عن الصحابة الكرام رضى الله عنهم .
وللاجابة عن هذا نقول أنه ليس كل ما تركه رسول الله حرام ، بل قد يكون تركه عادة كترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكل الضب في حديث سيدنا خالد أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده فقيل: هو ضب يا رسول الله فرفع يده فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: " لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه " قال خالد: فاجتررته فأكلته والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ينظر. (رواه البخارى) .
ويستفاد من هذا أن تركه للشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يدل على تحريمه ، وأن استقذاره الشيء لا يدل على تحريمه أيضا.
- كما أنه يجوز انشاء ذكر غير المأثور عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، فعن رفاعة بن رافع الزرقى قال : لما رفع رسول الله رأسه من الركعة وقال " سمع الله لمن حمده " قال رجل وراءه : "ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من المتكلم آنفا لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول "
(أحمد ، والبخارى ، والنسائى ، وابن حبان ).
2- وقد يعترض البعض على الذكر باسم الله المفرد لأنه ليس فيه معنى التعظيم .
ولا يؤلف جملة مفيدة تامة يحسن السكوت عليها كقولنا الله غفور مثلاً
والجواب : أن ذكر اسم الله مفردا فيه تعظيم لله وهذا ما فهمه علماؤنا الاجلاء ،
فها هو الامام أبو حنيفة النعمان يقرر ذلك فى مسألة : هل الشروع فى الصلاة يحدث بمجرد ذكر اسم الله المفرد ، فقد ذكر صاحب البدائع ما نصه: ( ولأبى حنيفة أن النص معلول بمعنى التعظيم ، وأنه يحصل بالاسم المفرد ، والدليل على أنه يصير شارعا بقوله : لا اله الا الله ، والشروع يحدث بقول الله لا بالنفى ) ، والذاكر باسم الله المفرد إنما يخاطب الله وحده وهو جل جلاله عالم بما في نفسه مطلع على سريرته فلا يشترط في الخطاب معه ما يشترط في الخطاب مع البشر من جعل الكلام تاما مفيدا يحسن السكوت عليه.
- وقد قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه : ليكن ذكرك ( الله ، الله ) فإن هذا الاسم سلطان الأسماء وله بساط وثمرة فبساطه العلم وثمرته النور وليس النورمقصودا لذاته بل لما يقع به من الكشف والعيان فينبغي الإكثار من ذكره واختياره على سائر الأذكار لتضمنه جميع ما في (لا إله إلا الله) من العقائد والعلوم والآداب والحقائق... . نور التحقيق ص 174.
- ويقول فضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله تعالى : ولكن عامة المسلمين من غيرهم أي الذين ينكرون الذكر بالاسم المفرد ( الله ) لا يجدون حرجا من ان يذكروا الله بأي من أسمائه وصفاته المفردة أو يذكروه بشيء من الصيغ أو الجمل الدالة على معنى يتضمن حكما من أحكام التوحيدأو التنزيه ودليلهم على ذلك صريح قول الله عز وجل ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ) . ومن المعلوم أن أول أسمائه تعالى الله.
- وهذه كلها أدلة على جواز الذكر بالاسم المفرد فإذا كانت قدوتنا وأسوتنا الشريعة المطهرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فكيف نترك الأدلة الصريحة ونتبع عقولنا إنه لشيء عجاب!!.