العهد ثابت في القرآن، والسنة، وسيرة الصحابة:
فمن القرآن:
قول الله تعالى: {إنَّ الذين يبايعونك إنما يبايعونَ اللهَ يد اللهِ فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على
.[ نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسيؤتيهِ أجراً عظيماً} [الفتح: ١٠
ولما كانت البيعة في الواقع لله تعالى، حذَّر الله من نقضها تحذيراً، فقال تعالى: {وأوفوا بعهد اِلله إذا
.[ عاهدتم ولا تنقُضوا الأَيمانَ بعد توكيدها وقد جعلتم اللهَ عليكم كفيلاً} [النحل: ٩١
.[ وقوله أيضاً: {وأوفوا بالعهدِ إنَّ العهد كانَ مسؤولاً} [الإسراء: ٣٤
ومن السنة:
فإن أخذ العهد والبيعة في السنة المطهرة ما كان يتخذ صورة واحدة من التلقين أو يختص بجماعة من
المسلمين، وإنما كان أخذ العهد في السنة جامعاً بين بيعة الرجال، وتلقين الجماعات والأفراد، ومبايعة
النساء، بل وحتى من لم يحتلم.
فأما بيعة الرجال: فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم،
ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفَّى منكم فأجره على
الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره
الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه ؛ وإن شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك" [أخرجه البخاري في صحيحه
.[ في كتاب الإيمان. وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي كما في "الترغيب والترهيب" ج ٢/ص ٤١٥
وأما التلقين جماعة:
فعن يعلى بن شداد قال: حدثني أبي شداد بن أوس رضي الله عنه ؛ وعبادة بن الصامت حاضر
يصدقه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل فيكم غريب ؟" - يعني من أهل
الكتاب - فقلنا: لا يا رسول الله، فأمر بغلق الباب فقال: "ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله"،
فرفعنا أيدينا وقلنا: لا إله إلا الله، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله ؛ اللهم إنك بعثتني ذه
الكلمة، وأمرتني ا، ووعدتني عليها الجنة، وإنك لا تخلف الميعاد"، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "ألا
أبشروا فإنَّ الله قد غفر لكم" [أخرجه الإمام أحمد والطبراني والبزار. ورجاله موثوقون. كما في "مجمع
.[ الزوائد" ج ١/ص ١٩
وأما التلقين الإفرادي:
فإن علياً كرم الله وجهه سأل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (يا رسول الله دلني على أقرب
الطرق إلى الله، وأسهلها على عباده، وأفضلها عنده تعالى)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليك
بمداومة ذكر الله سراً وجهراً"، فقال علي: (كلُّ الناس ذاكرون فخصني بشيء) ؛ قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، ولو أن السموات
والأرضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت م، ولا تقوم القيامة وعلى وجه الأرض من يقول:
لا إله إلا الله"، ثم قال علي: (فكيف أذكر ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "غَمض عينيك واسمع
مني لا إله إلا الله ثلاث مرات، ثم قلها ثلاثاً وأنا أسمع، ثم فعل ذلك برفع الصوت" [رواه الطبراني
والبزار بإسناد حسن].
ومن التلقين الإفرادي: ما أخرج الطبراني في "الأوسط" وأبو نعيم والحاكم والبيهقي وابن عساكر
عن بشير بن الخصاصية رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه فقلت:
علام تبايعني يا رسول الله ؟ فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فقال: "تشهد أن لاإله إلا الله
وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وتصلي الصلوات الخمس لوقتها، وتؤدي الزكاة
المفروضة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وتجاهد في سبيل الله". قلت: يا رسول الله! كُلا نطيق إلا
اثنتين فلا أطيقهما: الزكاة، والله ما لي إلا عشر ذَود [الذود من الإبل: ما بين الثنتين إلى التسع،
وقيل: ما بين الثلاث إلى العشر] هن رِسلُ [بالكسر ثم السكون: اللبن] أهلي وحمولتهن [بالفتح: ما
يحتمل عليه الناس من الدواب سواء أكانت عليها الأحمال أم لم تكن، وبالضم: الأحمال] ، وأما
الجهاد ؛ فإني رجل جبان، ويزعمون أنَّ من ولَّى فقد باءَ بغضبٍ من الله، وأخاف إن حضر القتال أن
أخشع بنفسي فأفر فأبوء بغضب من الله، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حركها ثم
قال:"يا بشير! لا صدقة ولا جهاد!! فبم إذاً تدخل الجنة ؟!" قلت: يا رسول الله! ابسط يديك ُأبايعك
فبسط يده ، فبايعته عليهن) [أخرجه الإمام أحمد، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" رجاله موثوقون
.[ ج ١/ص ٤٢
وروي عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله اشترط علي فأنت أعلم بالشرط.
قال: (أبايعك على أن تعبد الله وحده، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتنصح
المسلم، وتبرأ من الشرك)[ رواه الإمام أحمد والنسائي في باب البيعة على النصح لكل مسلم].
وعن جرير أيضاً قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،
والنصح لكل مسلم) [أخرجه البخاري في صحيحه في باب البيعة على إقام الصلاة].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على
السمع والطاعة يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما استطعتم"[أخرجه البخاري في
صحيحه في كتاب الأحكام، ومسلم في كتاب الإمارة].
وأما بيعة النساء: فعن سلمى بنت قيس رضي الله عنها - وكانت إحدى خالات رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقد صلت معه القبلتِين، وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار - قالت: (جئت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار ؛ فلما شرط علينا على أن لا نشرك بالله
شيئاً، ولا نسرق ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في
معروف، قال: "ولا تغششن أزواجكن" قالت: فبايعناه ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن ارجعي فسلي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حرم علينا من مال أزواجنا ؟ قالت: فسألته فقال: "تأخذ ماله
فتحابي به غيره") [رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني. ورجاله ثقات كما في "مجمع الزوائد"
.[ ج ٦/ص ٣٨
وعن ُأميمة بنت رقَيقِة قالت: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة يبايعنه فقلن: نبايعك
يا رسولَ الله على أن لا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان
نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما
استطعتن وأطقتن"، فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلُم نبايعك يا رسول الله، فقال: "إني لا
ُأصافح النساء، إنما قولي لمئة امرأة كقولي لامرأة واحدة"[أخرجه الترمذي في كتاب السير باب بيعة
النساء، ورواه النسائي في باب بيعة النساء. وإسناده حسن].
وجاءت أميمة بنت رقَيقَة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام،
فقال: (ُأبايعكِ على أن لا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان
تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى) [أخرجه النسائي وصححه
.[ الترمذي. كما في "حياة الصحابة" ج ١/ص ٢٣١
وروي عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله اشترط علي فأنت أعلم بالشرط.
قال: (أبايعك على أن تعبد الله وحده، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتنصح
المسلم، وتبرأ من الشرك)[ رواه الإمام أحمد والنسائي في باب البيعة على النصح لكل مسلم].
وعن جرير أيضاً قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،
والنصح لكل مسلم) [أخرجه البخاري في صحيحه في باب البيعة على إقام الصلاة].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على
السمع والطاعة يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما استطعتم"[أخرجه البخاري في
صحيحه في كتاب الأحكام، ومسلم في كتاب الإمارة].
وأما بيعة النساء: فعن سلمى بنت قيس رضي الله عنها - وكانت إحدى خالات رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقد صلت معه القبلتِين، وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار - قالت: (جئت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار ؛ فلما شرط علينا على أن لا نشرك بالله
شيئاً، ولا نسرق ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في
معروف، قال: "ولا تغششن أزواجكن" قالت: فبايعناه ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن ارجعي فسلي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حرم علينا من مال أزواجنا ؟ قالت: فسألته فقال: "تأخذ ماله
فتحابي به غيره") [رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني. ورجاله ثقات كما في "مجمع الزوائد"
.[ ج ٦/ص ٣٨
وعن ُأميمة بنت رقَيقِة قالت: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة يبايعنه فقلن: نبايعك
يا رسولَ الله على أن لا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان
نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما
استطعتن وأطقتن"، فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلُم نبايعك يا رسول الله، فقال: "إني لا
ُأصافح النساء، إنما قولي لمئة امرأة كقولي لامرأة واحدة"[أخرجه الترمذي في كتاب السير باب بيعة
النساء، ورواه النسائي في باب بيعة النساء. وإسناده حسن].
وجاءت أميمة بنت رقَيقَة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام،
فقال: (ُأبايعكِ على أن لا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان
تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى) [أخرجه النسائي وصححه
.[ الترمذي. كما في "حياة الصحابة" ج ١/ص ٢٣١
ثم ج الوراث من مرشدي الصوفية منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في أخذ البيعة في كل
عصر، فقد ذكر الأستاذ الندوي في كتابه "رجال الفكر والدعوة في الإسلام": (أن الشيخ عبد القادر
الجيلاني فتح باب البيعة والتوبة على مصراعيه، يدخل فيه المسلمون من كل ناحية من نواحي العالم
الإسلامي، يجددون العهد والميثاق مع الله، ويعاهدون على ألاَّ يشركوا ولا يكفروا، ولا يفسقوا، ولا
يبتدعوا، ولا يظلموا، ولا يستحلوا ما حرم الله، ولا يتركوا ما فرض الله، ولا يتفانوا في الدنيا، ولا
يتناسوا الآخرة. وقد دخل في هذا الباب - وقد فتحه الله على يد الشيخ عبد القادر الجيلاني - خلق
لا يحصيهم إلا الله، وصلحت أحوالهم، وحسن إسلامهم، وظل الشيخ يربيهم ويحاسبهم، ويشرف
عليهم، وعلى تقدمهم، فأصبح هؤلاء التلاميذ الروحيون يشعرون بالمسؤولية بعد البيعة والتوبة
.[ وتجديد الإيمان) ["رجال الفكر والدعوة في الإسلام" ص ٢٤٨
فكان لهذه المعاهدات والبيعات من الأثر في التزكية والإصلاح الفردي والجماعي أقوى شأن وأوفر
نصيب.