تقبيل اليد
عن مزيدة العصري رضي الله عنه قال : بينما
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدث أصحابه إذ قال
إنه سيطلع عليكم من هذا الوجه ركب هم من خير » : لهم
فقام عمر بن الخطاب فتوجه في ذلك ، ، « أهل المشرق
فلقي ثلاثة عشر راكبا ، فرحب وقرب وقال : من القوم ؟
قالوا : نفر من عبد القيس ، قال : وما أقدمكم هذه البلدة ،
ألتجارة ؟ قالوا : لا ، قال : أتبيعون سيوفكم هذه ؟ قالوا :
لا ، قال : فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل ؟، قالوا :
أجل ، فمشى معهم ليحدثهم ، إذ نظر إلى النبي صلى الله
عليه وآله وسلم قال : هذا صاحبكم الذي تطلبون ، فرمى
القوم بأنفسهم عن رحالهم ، فمنهم من سعى ، ومنهم من
مشى ، ومنهم من هرول ، حتى أتوا النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وأخذوا بيده فقبلوها وقعدوا إليه ، وبقي الأشج
، وهو أصغر القوم ، فأناخ الإبل وعقلها وجمع متاع القوم
ثم أقبل يمشي على تؤدة ، حتى أتى النبي صلى الله عليه وآله
، وسلم فأخذ بيده فقبلها ...الحديث ،رواه ابن المقري ١
والطبراني في الكبير ٢ ، وأبو يعلى في مسنده ٣ ، وجوده
. الحافظ في الفتح ٤
- وعن الزارع العبدي قال: لما قدمنا المدينة فجعلنا
نتبادر من رواحلنا فنقبل يد رسول الله صلى الله عليه وآله
. وسلم ورجله. رواه أبو داود ٥،وجوده الحافظ في الفتح ٦
- وعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال : قمنا
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقبلنا يده. رواه المقري ٧
، وقال الحافظ في الفتح ٨: " وسنده قوي ".
وعن جابر رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه
قام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقبل يده . ابن
. المقري ١
وعن جابر رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه
قام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقبل يده . ابن
. المقري ١
- وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن
يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألاه عن تسع
آيات الحديث، وفيه في آخره : فقبلا يده ورجله . رواه
أحمد ٢ والترمذي ٣ وقال: حسن صحيح ، والنسائي ٤، وابن
، ماجه ٥، والحاكم ٦ وصححه، وأقره الذهبي، وابن المقري ٧
وقال الحافظ في التلخيص الحبير ٨ : " إسناده قوي ".
عن صهيب مولى العباس رحمه الله قال: رأيت
عليا عليه السلام يقبل يدي العباس ورجله ويقول: يا عم
ارض عني. رواه البخاري في الأدب المفرد ١، وابن
. المقري ٢،وجود إسناده الحافظ في الفتح ٣
وعن زياد بن فياض عن تميم بن سلمة قال : لما
قدم عمر رضي الله عنه الشام استقبله أبو عبيدة بن الجراح
رضي الله عنه فقبل يده، ثم خلوا يبكيان، قال : فكان تميم
يقول : تقبيل اليد سنة. رواه ابن وهب في الجامع ٤ ، وابن
. أبي الدنيا في كتاب الإخوان ٥، والبيهقي في السنن الكبرى
وعن مالك الأشجعي رحمه الله قال: قلت لابن
أبي أوفى رضي الله عنه : ناولني يدك التي بايعت ا رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فناولنيها فقبلتها. رواه وابن
. المقري ١
- وعن عبد الرحمان بن رزين رحمه الله تعالى قال:
مررنا بالربذة فقيل لنا: ها هنا سلمة بن الأكوع، فأتيته
فسلمنا عليه، فأخرج يديه فقال: بايعت اتين نبي الله صلى
الله عليه وآله وسلم، فأخرج كفا له ضخمة كأا كف بعير،
، فقمنا إليها فقبلناها. رواه البخاري في الأدب المفرد ٢
وسنده حسن.
- وعن جميلة أم ولد أنس بن مالك رحمها الله قالت
: كان ثابت البناني إذا أتى أنسا قال: يا جارية هاتي طيبا
أمسه يدي، فإن ثابتا إذا جاء لم يرض حتى يقبل يدي. رواه
. أبو يعلى ١ ، والبيهقي في شعب الإيمان ٢ وابن المقري ٣
- وعن ثابت البناني رحمه الله أنه قال لأنس رضي
الله عنه : مسست رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بيدك ، قال: نعم، قال: فأعطني يدك، فأعطاه فقبلها.رواه
. البخاري في الأدب المفرد ٤ وابن المقري ٥
- وعن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت رضي
الله عنه ركب يوما وأخذ ابن عباس رضي الله عنهما بركابه
فقال : تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم!، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فقال
زيد: أرني يدك، فأخرج يده فقبلها، فقال: هكذا أمرنا أن
نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم .رواه ابن
. المقري ١
- وقال ابن الأعرابي في [ القبل والمعانقة
والمصافحة ] : حدثنا عباس الدوري ، ثنا شبابة ، ثنا هشام
بن الغاز ، ثنا حيان أبو النضر قال : قال لي واثلة بن الأسقع
قدني إلى يزيد بن الأسود ، فإنه قد بلغني أن ألما به ، » :
فقدته ، فلما دخل عليه ، قلت : إنه ثقيل قد وجه وذهب
عقله ، فقال : نادوه ، فقلت : هذا أخوك واثلة قال : أظن
شبابة قال : فلما سمع أن واثلة قد جاءه قال : فرأيته يلتمس
بيده ، فعرفت ما يريد ، فأخذت كف واثلة فجعلتها في يده
، قال : فجعل يقلب كفه ويضعها مرة على فؤاده ، ومرة
على وجهه ، وعلى فيه ، وإنما أراد أن يضع يده موضع يد
.« واثلة من رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
وهذا سند رجاله أئمة ثقات.
.(
وعن أبي خالد الفلسطيني عن عطاء الخراساني أن
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يقبلون
يده . رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان ١ سنده رجاله
ثقات.
- وعن موسى بن داود قال: كنت عند سفيان بن
. عيينة فجاء حسين الجعفي، فقام ابن عيينة فقبل يده ٢
- وعن عاصم بن دلة قال: كنت إذا قدمت من
سفر لقيني أبو وائل فقبل يدي. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب
. الإخوان ٣
١وأما تقبيل غير اليد كالرأس والرجل وما بين العينين
والبطن ونحو ذلك فهو أيضا جائز مشروع.
وقد مر معنا بعض الأحاديث والآثار الدالة على جواز
ذلك، ومنها أيضا :
- قول أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها في حادث
الإفك :" فقال أبواي: فقومي فقبلي رأس رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم الحديث . رواه أبو داود ١، ومن طريقه
. البيهقي في السنن الكبرى ٢
- وروى البزار من حديثها أيضا أنه لما نزل عذرها
قبل أبو بكر رأسها . قال الحافظ الهيثمي رحمه الله :" رجاله
. رجال الصحيح " ٣
.(
وفي الصحيح ١ من حديث عائشة رضي الله عنها
أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى
اله عليه وآله وسلم وهو مسجى ببرد حبرة ، فكشف عن
وجهه ثم أكب عليه فقبله، فقال: بأبي أنت يا نبي الله ..
الحديث.
- ومن حديثها أيضا قالت: رأيت رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت، حتى
رأيت الدموع تسيل . رواه أبو داود ٢
- وعن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: بينما
هو يحدث القوم وكان فيه مزاح بينا يضحكهم، فطعنه النبي
صلى الله عليه وآله وسلم في خاصرته بعود، فقال: أصبرني،
فقال: اصطبر ١ "، قال: إن عليك قميصا وليس علي قميص،
فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قميصه، فاحتضنه
وجعل يقبل كشحه ،قال: إنما أردت هذا يا رسول الله .
رواه أبو داود ٢، والترمذي ٣وقال: حديث حسن
صحيح،والحاكم في مستدركه ٤، وغيرهم.
- وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعدل الصفوف
في يوم بدر وفي يده قدح، فمر بسواد بن غزية فطعنه في
بطنه، فقال: أوجعتني أقدني، فكشف عن بطنه ، فاعتنقه
وقبل بطنه ، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
. بخير ٥
١
وقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمه
العباس رضي الله تعالى عنه بين عينيه . رواه الطبراني في
الكبير ١
": قال الحافظ الهيثمي رحمه الله تعالى في مجمع الزوائد ٢
إسناده حسن".
- وعن عمير بن إسحاق قال: كنت أمشي مع
الحسن بن علي رضي الله عنه في طرق المدينة ، فلقينا أبا
هريرة ، فقال للحسن: اكشف لي عن بطنك - جعلت
ف دا ك - حتى ُأَقب َ ل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يقبله ، قال: فكشف عن بطنه، فقبل سرته .رواه
. الإمام أحمد ٣ ، وصححه ابن حبان
وكان سهل بن عبد الله التستري رحمه الله يأتي
أبا داود السجستاني رحمه الله ويقول: أخرج لي لسانك الذي
يحدث به حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
. لأقبله، فأخرج إليه لسانه فقبله ١
- وعن إياس بن دغفل قال: رأيت أبا نضرة قبل
. خد الحسن ٢
- وقال سفيان بن عيينة رحمه الله : عجبت لمن مر
. بالكوفة فلم يقبل بين عيني حسين الجعفي ٣
.(
أقوال العلماء:
- قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى : " تقبيل يد
. الإمام العادل سنة ".رواه ابن المقري ١
. - وكذا قال سفيان الثوري ٢
- قال العلامة الطحطاوي الحنفي رحمه الله تعالى في
حاشيته على مراقي الفلاح ٣: " وفي الهداية: ويكره أن يقبل
الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه في إزار واحد،
وقال أبو يوسف : لا بأس بذلك كله اه. وفي غاية البيان
عن الواقعات: تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز،
وورد في أحاديث ذكرها البدر العيني ما يفيد أن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم كان تقبل يده ورجله، وكان النبي صلى
الله عليه وآله وسلم يقبل الحسن وفاطمة، وقبل صلى الله
عليه وآله وسلم عثمان بن مظعون بعد موته، وكذلك قبل
الصديق رضي الله عنه تعالى عنه رسول الله صلى عليه وسلم
بعد موته، وقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن
عمه جعفرا بين عينيه، ثم قال البدر العيني : فعلم من مجموع
ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد والرجل والكشح والرأس والجبهة
والشفتين وبين العينين، ولكن كل ذلك إذا كان على وجه
المبرة والإكرام، وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا
يجوز إلا في حق الزوجين اه. أي والسيد وأمته. وفي رفع
العوائق عن البحر الزاخر: لا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان
العادل ، وفي غيرهما إن أراد شيئا من عرض الدنيا فمكروه،
وإن أراد تعظيم المسلم وإكرامه فلا بأس به انتهى.
- وقال الزيلعي الحنفي رحمه الله في البحر
الرائق ١:" ورخص السرخسي وبعض المتأخرين في تقبيل يد
العالم المتورع والزاهد على وجه التبرك ".
.(
وقال ابن نجيم الحنفي رحمه الله في البحر الرائق :
وتقبيل يد العالم والسلطان العادل لا بأس به؛ لما روي عن »
. سفيان أنه قال : تقبيل يد العالم والسلطان العادل سنة " ١
- وقال أبو بكر الأري المالكي رحمه الله :" وإنما
كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظيم لمن فعل
ذلك به ، وأما إذا قبل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيًئا من
بدنه مالم يكن عورة على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه
أو لشرفه ، فإن ذلك جائز ، وتقبيل يد النبي عليه الصلاة
والسلام تقرب إلى الله . وما كان من ذلك تعظي ما لدنيا أو
سلطان أو شبه ذلك من وجه التكبر فلا يجوز وهو مكروه" ٢
وقال ابن بطال المالكي رحمه الله : " إنما يكره
تقبيل يد الظلمة والجبابرة، وأما يد الأب والرجل الصالح
. ومن ترجى بركته فجائز" ١
- وقال الشهاب القرافي المالكي رحمه الله تعالى : "
فتقبيل اليهود ليديه ورجليه عليه الصلاة والسلام ولم ينكره
. دليل على مشروعيته " ٢
- وقال الشيخ النفراوي المالكي رحمه الله في
الفواكه الدواني ٣: " وإنما كره مالك تقبيل اليد لما يترتب
عليه من الكبر ورؤية النفس عظيمة ، ولأن المسلم أخو
المسلم ، ولعل اُلمَقبل - بالكسر- أفضل من ذي اليد عند
الله ٤ ، وبالجملة لا ينكر على من فعلها مع ذوي الشرف
والفضل لورودها في تلك الأحاديث ، ولما يترتب على
تركها مع من يستحقها من المقاطعة والشحناء كما هو
معروف في زماننا" .
- وقال الإمام النووي الشافعي رحمه الله : "
يستحب تقبيل يد الرجل الصالح والزاهد والعالم ونحوهم من
أهل الآخرة، وأما تقبيل يده لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته
عند أهل الدنيا بالدنيا ونحو ذلك فمكروه شديد الكراهة،
وقال المتولي: لا يجوز، فأشار إلى تحريمه، وتقبيل رأسه ورجله
. كيده" ١
- وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله
تعالى : " (ويستحب تقبيل يد الحي لصلاح ونحوه) من
الأمور الدينية كزهد، وعلم، وشرف، كما كانت الصحابة
تفعله مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،كما رواه أبو
داود وغيره بأسانيد صحيحة. (ويكره) ذلك؛ (لغناه ونحوه)
. من الأمور الدنيوية : كشوكته، ووجاهته عند أهل الدنيا " ١
- وقال الحافظ زين الدين العراقي الشافعي رحمه
الله تعالى : " وأما تقبيل الأماكن الشريفة على قصد التبرك
وأيدي الصالحين وأرجلهم فهو حسن محمود باعتبار القصد
والنية ، وقد سأل أبو هريرة الحسن رضي الله عنهما أن
يكشف له المكان الذي قبله رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وهو سرته ، فقبلها تبركا بآثاره وذريته صلى الله عليه
وآله وسلم.
وقد كان ثابت البناني لا يدع يد أنس حتى يقبلها
. ويقول يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" ٢
- نقله عنه العلامة الحافظ البدر العيني الحنفي رحمه
. الله وسلمه