· قال الشيخ الرفاعي:
- قال رضي الله عنه معرفا التوحيد: هو وجدان تعظيم في القلب يمنع من التعطيل والتشبيه.
- وقال في البرهان المؤيد : صونوا عقائدكم من التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة، لأن ذلك من أصول الكفر قال تعالى : " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " والواجب عليكم وعلى كل مكلف في المتشابه الإيمان بأنه من عند الله أنزله على عبده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كلفنا سبحانه وتعالى تفصيل علم تأويله قال جلت عظمته: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " فسبيل المتقين من السلف تنزيه الله تعالى عما دل عليه ظاهره وتفيض معناه المراد منه إلى الحق تعالى وتقدس وبهذا سلامة الدين.
- وقال أيضاً: أي سادة نزهوا الله عن سمات المحدثين وصفات المخلوقين وطهروا عقائدكم من تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار كاستواء الأجسام على الأجسام المستلزم للحول تعالى لله عن ذلك.
وإياكم والقول بالفوقية والسفلية والمكان واليد والعين بالجارحة والنزول بالإتيان الانتقال فإن كل ما جاء في الكتاب والسنة مما يدل ظاهره على ما ذكر فقد جاء في الكتاب والسنة مثله مما يؤيد المقصود فما بقي إلا ما قال صلحاء السلف وهو الإيمان بظاهر كل ذلك ورد حكم المراد منه إلى الله ورسوله مع تنزيه الباري تعالى عن الكيف وسمات الحدوث وعلى ذلك درح الأئمة وكل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عنه ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسوله ولكم حمل المتشابه على ما يوافق أصل المحكم لأنه أصل الكتاب والمشتابه لا يعارض المحكم.
- وقال أيضاً: الصوفي يتباعد عن الأوهام والشكوك ويقول بوحدانية الله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله لأنه ليس كمثله شيء يعلم ذلك يقينا ليخرج من باب العلم الني وليخلع من عنقه ربقة التقليد .
· الإمام عبد القادر الجيلاني:
- قال رضي الله عنه : أخرج عن الخلق جدا ، واجعلهم كالباب يرد ويفتح وشجرة توجد فيها ثمرة تارة وتحيل أخرى وكل ذلك بفعل فاعل وتدبير مدبر وهو الله عز وجل فإذا صح لك هذا كنت موحدا للرب عز وجل.
- ولا تنس مع ذلك كسبهم لتتخلص من مذهب الجبرية واعتقد أن الأفعال لا تتم بهم دون الله عز وجل لكيلا تعبدهم وتنسى الله ، ولا تقل فعلهم دون فعل الله فتكفر فتكون قدريا ولكن قل هي لله خلقا وللعباد كسبا كما جاءت به الآثار ، ولبيان موضع الجزاء من الثواب العقاب . آداب السلوك للإمام الجيلاني (ص 67- 68).
· الإمام الشعراني:
- قال رضي الله عنه: اعلم يا أخي أن القوم أجمعوا على أن الله تعالى إله واحد لا ثاني، تنزه عن الصاحبة والولد مالك لا شريك له صانع لا مدبر معه موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده بل ك موجود مفتقر اليه في وجوده فالعامل كله موجود به وهو تعالى مطلق مستمر قائم بنفسه ليس بجوهر فيقدر له المكان ولا بعرض فيستحيل عليه البقاء ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء مقدس عن الجهة والأقدار مرئي بالقلوب والأبصار استوى تعالى على عرشه كما قاله ، وعلى المعنى الذي أراده كما أن العرش وما حواه به استوى، له الآخرة والأولى ليس له مثل معقول ، ولا دلت عليه العقول، ولا يحده زمان ولا يقله مكان، وهو الآن على ما عليه كان..، علم الأشياء قبل وجودها ثم أوجدها على حد ما هي عليه، فلم يزل عالما بالأشياء لم يتجدد له علم عند تجدد الأشياء أتقن الأشياء وأحكمه يعلم الكليات والجزئيات على الإطلاق فهو عالم الغيب والشهادة، فتعالى عما يشركون...، لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يريدوا شيئا لم يرد الله تعالى لهم أن يريدوه ما أرادوه أو أن يفعلوا شيئا لم يرد الله إيجاده أو أرادوه ما فعلوه ولا استطاعوه ولا أقدرهم عليه.
- وكما شهدنا لله تعالى بالوحدانية وما يستحقه من الصفات العلية كذلك نشهد لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة إلى جميع الناس كافة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وأنه صلى الله عليه وآله وسلم بلغ جميع ما أنزل إليه من ربه وأدى أمانته ونصح أمته ، ونؤمن بكل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما علمنا ومما لم نعلم . الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية ( ص 20- 25).
· الإمام الجنيد:
قال رضي الله عنه:: التوحيد هو إرادة الموحد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته ، أنه هو الواحد الذي لم يلد ولم يولد بنفي الأضداد والأنداد والأشباه بلا تشبيه ولا تكييف ولا تصوير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
· الإمام القشيري:
قال رضي الله عنه: إن شيوخ هذه الطائفة بنوا عقائدهم على أحوال صحيحة في التوحيد صانوا بها عقائدهم عن البدع ودانوا بما وجدوا عليه السلف وأهل السنة من توحيد ليس فيه تمثيل ولا تعطيل وعرفوا ما ه حق القدم وتحققوا بما هو نعت الموجود عن العد.
- على هذا يتضح جلياً أن معظم الصوفية يقوم اعتقادهم حسب مبادئ عقيدة أهل السنة الأشاعرة التي انتشرت وسادت كمذهب عقيدي رسمي لأهل السنة والجماعة ، بل وتبناها جمهور أهل السنة والجماعة من الإمام النووى، والإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام السيوطي، وغيرهم الكثير.
- فبالتالي فإن كتب المتصوفة الحديثين لا تخرج عن عقيدة أهل السنة سواءً أكانت أشعرية أو ماتريدية. وذلك بالرغم أنهم يتبنون كتب ابن عربي والسهروردي التي تتهم من قبل الحركات السلفية وبعض الباحثين المعاصرين بأنها تتضمن ما يفيد بعقائد الحلول ووحدة الوجود، لكن المتصوفة يقولون أن هذه الكتب ليست في متناول العوام ( والعوام في نظر المتصوفة هو كل من لم يتمرس بالصوفية وممارساتها ) ، وأنه بالإمكان حمل كلام ابن عربي والسهروردي على محامل نابعة من الإسلام، فالعوام غير قادرين على تذوق المعاني التي لا تتجلى إلا لمن حصل على الكشف الإلهي، بالتالي فهم وحدهم من يمتلك حق التأويل لهذه الكتب والمقولات للشيوخ الكبار مثل ابن عربي والسهروردي.
- ويرى الشيخ المسافر أن ابن عربي والسهروردي وابن سبعين، فضلا عن جلال مسيرتهم في التصوف ، ينتمون إلى ميدان الحكمة الفلسفية ، وان كثيرا من كتبهم فلسفية بامتياز، وإن لم تسم بذلك. ويشهد على ذلك إنتاج ذلك العدد الكبير من فلاسفة الغرب الذين أسسوا أطروحاتهم الفلسفية أو ضمنوها أجزاء من إنتاج المشائخ الأولياء الثلاثة، أو كما يطلق عليهم البعض " الفلاسفة العظام الثلاثة" .
· عقيدة الصوفية فى الأولياء
- الولي هو: عبد لله، اختصه الله بعنايته وتوفيقه واصطفاه من بين عبيده، وهو عبد لا يضر ولا ينفع بذاته كباقي البشر، وهو دون الأنبياء في المرتبة والمنزلة ، إذ لا أحد يصل إلى رتبة الأنبياء مهما ارتقى في مراتب الولاية ، لذلك فالولي ليس بمعصوم عن الخطأ ، إلا من عصمه الله. ويستشهدون بالآية القرآنية: ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين ءامنوا وكانوا يتقون) فالمتقون هم أولياء الله. وقد ورد تحذير في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك كما في الحديث القدسي: من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب[52].
- كرامات الأولياء
- الكرامة هي : أمر خارق للعادة غير مقرونة بدعوى النبوة، يظهرها الله على أوليائه الصالحين من أتباع الرسل كرامة لهم. وقد أجمع أهل التصوف على إثبات كرامات الأولياء،وكلام البهائم، وطي الأرض, وظهور الشيء في غير موضعه ووقته
- ويستدلون على صحتها ووجودها بآيات من القرآن، منها:
- قصة الذي عنده علم من الكتاب في الآية القرآنية: ( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) .
- قصة مريم بنت عمران حين قال لها النبي زكريا: ( أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله) .
- ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم : " أن رجلين خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما ..
- ومن قصص وقعت للصحابة: قصة الصحابي عمر بن الخطاب: عن ابن عمر قال: وجه عمر جيشا وولى عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر في المدينة يخطب على المنبر جعل ينادي: يا سارية الجبل!! ثلاثا. ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر، فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي يا سارية الجبل ثلاثا، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله. قال: فقيل لعمر إنك كنت تصيح هكذا وهكذا.
- والصوفية يعتبرون أن أعظم الكرامات هي الاستقامة على شرع الله. قال أبو القاسم القشيري : واعلم أن من أجلِّ الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات، والحفظ من المعاصي والمخالفات .
- والصوفية يمنعون إِظهار الكرامة إِلا لغرض صحيح ؛ كنصرة شريعة الله أمام الكافرين والمعاندين، أما إِظهارها بدون سبب مشروع فهو مذموم، لما فيه من حظ النفس والمفاخرة والعجب.
- قال الشيخ محي الدين بن عربي : ولا يخفى أن الكرامة عند أكابر الرجال معدودة من جملة رعونات النفس ، إِلا إِنْ كانت لنصر دين أو جلب مصلحة ، لأن الله هو الفاعل عندهم لا هُمْ ، هذا مشهدهم، وليس وجه الخصوصية إِلا وقوع ذلك الفعل الخارق على يدهم دون غيرهم ؛ فإِذا أحيا كبشاً مثلاً أو دجاجة فإِنما ذلك بقدرة الله لا بقدرتهم، وإِذا رجع الأمر إِلى القدرة فلا تعجب .
- كما أن الصوفية لا يعتبرون ظهور الكرامات على يد الولي الصالح دليلاً على أفضليته على غيره.
قال الإِمام اليافعي : لا يلزم أن يكون كلُّ مَنْ له كرامة من الأولياء أفضلَ من كل من ليس له كرامة منهم، بل قد يكون بعض مَنْ ليس له كرامة منهم أفضل من بعض مَنْ له كرامة، لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها، ودليلاً على صدقه وعلى فضله لا على أفضليته، وإِنما الأفضلية تكون بقوة اليقين، وكمال المعرفة بالله .
- ويعتبر الصوفية أن عدم ظهور الكرامة على يد الولي الصالح ليس دليلاً على عدم ولايته. قال الإِمام القشيري : لو لم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه في الدنيا، لم يقدح عدمها في كونه ولياً .
- هل يجوز للولي أن يعرف أنه ولي ؟
- اختلف الصوفية في الولي: هل يجوز أن يعرف أنه ولي أم لا؟ على قولين :
- فقال بعضهم: لا يجوز ذلك؛ لأن معرفة ذلك تزيل عنه خوف العاقبة، وزوال خوف العاقبة يوجب الأمن، وفي وجوب الأمن زوال العبودية؛ لأن العبد بين الخوف والرجاء.
- وقال الأجلة منهم والكبار: يجوز أن يعرف الولي ولايته؛ لأنها كرامة من الله للعبد، والكرامات والنعم يجوز أن يعلم ذلك فيقتضي زيادة الشكر. ويستدل هؤلاء بأن النبي محمد قد أخبر أصحابه بأنهم من أهل الجنة، وشهد للعشرة بالجنة، وشهادة النبي توجب سكونا إليها، وطمأنينة بها، وتصديقا لها. ومع ذلك فقد أخبرهم النبي بذلك.