اثبات السيادة للنبى صلى الله عليه وآله وسلم .
- قال ابن مفلح فى معنى السيد : ( وَالسَّيِّدُ يُطْلَقُ عَلَى : الرَّبِّ الْمَالِكِ وَالشَّرِيفِ وَالْفَاضِلِ وَالْحَكِيمِ وَمُتَحَمِّلِ أَذَى قَوْمِهِ وَالزَّوْجِ وَالرَّئِيسِ وَالْمُقَدَّمِ ) . الاداب الشرعية والمنح المرعية .
- قال الامام النووى فى شرحه على صحيح مسلم : ( باب حكم اطلاق لفظة العبد والامة والمولى والسيد ) لَفْظَة السَّيِّد غَيْر مُخْتَصَّة بِاَللَّهِ تَعَالَى اِخْتِصَاص الرَّبّ ، وَلَا مُسْتَعْمَلَة فِيهِ كَاسْتِعْمَالِهَا . حَتَّى نَقَلَ الْقَاضِي عَنْ مَالِك أَنَّهُ كَرِهَ الدُّعَاء بِسَيِّدِي ، وَلَمْ يَأْتِ تَسْمِيَة اللَّه تَعَالَى بِالسَّيِّدِ فِي الْقُرْآن ، وَلَا فِي حَدِيث مُتَوَاتِر .
وَقَدْ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اِبْنِي هَذَا سَيِّد " و " قُومُوا إِلَى سَيِّدكُمْ " يَعْنِي سَعْد بْن مَعَاذ . وَفِي الْحَدِيث الْآخَر " اِسْمَعُوا مَا يَقُول سَيِّدكُمْ " يَعْنِي سَعْد بْن عِبَادَة . فَلَيْسَ فِي قَوْل الْعَبْد : سَيِّدِي إِشْكَال وَلَا لُبْس .
- وقال الامام الهروى فى معنى السيد : ( السيد هو الذى يفوق قومه فى الخير ) . وقال غيره هو الذى يفزع اليه فى النوائب والشدائد فيقوم بأمرهم ويتحمل عنهم مكارههم ويدفعها عنهم . ولاشك فى أن النبى ينطبق عليه هذا الاسم بمعظم هذه المعانى المذكورة .
· أحقية النبى صلى الله عليه وآله وسلم بالسيادة على جميع البشر .
- أنا سيد ولد آدم ولا فخر ( الحاكم عن جابر ) .
- أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع .
(ابن أبى شيبة ، ومسلم ، وأبو داود عن أبى هريرة)
- أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكسى الحلة من حلل الجنة ثم أقوم عن يمين العرش ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيرى (الترمذى - حسن غريب - عن أبى هريرة) .
والأحاديث فى هذا كثيرة ومشهورة .
· وصف غيره بالسيادة ممن هم دون النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى المكانة والمنزلة .
- قال الله تعالى متحدثا عن سيدنا يحيى فى سورة ال عمران : { فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) } .
- وقال الله تعالى فى سورة يوسف : { وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } .
- وقوله صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار حين قدم سيدنا سعد بن معاذ : " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ " رواه البخارى ومسلم .
- وقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن سيدنا الحسن بن على رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ " البخارى .
- وعن سيدنا عمر قال : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعنى بلالا .
(ابن أبى شيبة ، والبخارى ، والحاكم ) .
- وعن سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ مَرَرْنَا بِسَيْلٍ فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا فَنُمِىَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ يَتَعَوَّذْ ». فقُلْتُ يَا سَيِّدِى وَالرُّقَى صَالِحَةٌ فَقَالَ « لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ فِى نَفْسٍ أَوْ حُمَةٍ أَوْ لَدْغَةٍ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ الْحُمَةُ مِنَ الْحَيَّاتِ وَمَا يَلْسَعُ . رواه ابو داود والنسائى والحاكم .
- وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : "سيد الشهداء عند الله حمزة "
أخرجه الحاكم وقال : صحيح الإسناد عن جابر .
- وعن يحيى بن سعيد قال : ذكر عمر بن الخطاب فضل أبى بكر الصديق فجعل يصف مناقبه ثم قال وهذا سيدنا بلال حسنة من حسنات أبى بكر . (أبو نعيم ، والحاكم 3/321 ، رقم 5240) .
- وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " سيد الناس آدم ، وسيد العرب محمد ، وسيد الروم صهيب ، وسيد الفرس سلمان ، وسيد الحبشة بلال ، وسيد الجبال طور سيناء ، وسيد الشجر السدر ، وسيد الأشهر المحرم ، وسيد الأيام يوم الجمعة ، وسيد الكلام القرآن ، وسيد القرآن البقرة ، وسيد البقرة آية الكرسى أما إن فيها خمس كلمات فى كل كلمة خمسون بركة . رواه الديلمى عن على .
- وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " سيد الشراب فى الدنيا والآخرة الماء ، وسيد الطعام فى الدنيا والآخرة اللحم ثم الأرز .
(أبو نعيم ، والحاكم فى تاريخه عن صهيب) .
· أما حكم تسويده صلى الله عليه وآله وسلم فى العبادات وغير العبادات .
- بالنسبة لغير العبادات . فلا خلاف على جوازه بين أحد من العلماء فهو اجماع ولا عبرة لمن شذ ممن عجز عن الجمع بين الادلة .
- أما بالنسبة للعبادات كالصلاة والاذان . فاختلف الفقهاء فى هذه المسالة وقد نقل فى كتب المذاهب الفقهية المعتمدة ندب الاتيان بلفظ سيدنا قبل الاسم الشريف حتى فى العبادات كالاذان والصلاة .
- فمن الحنفية الحصفكى صاحب الدر المختار حيث قال : ندب السيادة ، لأن زيادة الاخبار بالواقع هو عين سلوك الأدب وهو أفضل من تركه ، ذكره الرملى الشافعى وغيره وما نقل لا تسيدونى فى الصلاة فكذب .
- كما صرح من المالكية باستحبابه النفراوى وقالوا : ان ذلك من قبيل الأدب ورعاية الأدب خير من الامتثال ، ويقول الشيخ الحطاب المالكى ذكر عن ابن مفلح نحو ذلك .
- أما من الشافعية قال به شمس الدين الرملى وقال بعض الشافعية :ويسن زيادة لفظ السيد فى التشهد فنقول سيدنا محمد وسيدنا ابراهيم ، واستدلوا بأن الأدب مقدم على الاتباع ، ويؤيد ذلك حديث سيدنا أبو بكر حين أمره النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يثبت مكانه فلم يمتثل وقال ما كان لابن أبى قحافة أن يتقدم بين يدى رسول الله ، وكذلك امتناع سيدنا على أن يمحو اسمه الشريف من الصحيفة حين أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك وقال والله لا امحو اسمك ابدا .
- وذكر عن الشيخ العز بن عبد السلام : أن الاتيان بها فى الصلاة ينبنى على الخلاف ، هل الأولى امتثال الأمر أو سلوك الأدب ، قلت :والذى يظهر لى وأفعله فى الصلاة وغيرها الاتيان بلفظ السيد والله اعلم .
مواهب الجليل شرح مختصر الخليل الحطاب ج1ص21.
· النهى عن تسويد المنافق .
- نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تسويد المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إذا قال الرجلُ للمنافقِ يا سيدُ فقد أغضب ربَّه ".
(أخرجه الحاكم (4/347 ، رقم 7865) وقال : صحيح الإسناد ، والبيهقى فى شعب الإيمان (4/312 ، رقم 5220) . وأخرجه أيضًا : الخطيب (5/454) ، والضياء عن بريدة ) .
- وللحديث أطراف أخرى منها : " لا تقولوا للمنافق سيدنا "
- واذا كان النهى عن تسويد المنافق فقط ، فانه يجوز تسويد النبى والولى وغيرهم ممن شهد له بالصلاح .
· أما ما فهمه البعض من ظاهر بعض الاحاديث متوهمين تعارضها مع حكم سيادة النبى صلى الله عليه وآله وسلم لكل البشر فلا يعتد به وقد رد عليه العلماء ردا كافيا .
- من هذه الاحاديث : عنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ قَالَ أَبِى انْطَلَقْتُ فِى وَفْدِ بَنِى عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقُلْنَا أَنْتَ سَيِّدُنَا. فَقَالَ « السَّيِّدُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ». قُلْنَا وَأَفْضَلُنَا فَضْلاً وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً. فَقَالَ « قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ وَلاَ يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ».أى ادعونى نبيا ورسولا كما سمانى الله ولا يسخر بكم الشيطان . رواه ابو داود والنسائى .
-
- وعن أنس : أن رجلا قال للنبى - صلى الله عليه وسلم - يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - : قولوا ما أقول لكم ، ولا يستهوينكم الشيطان ، أنزلونى حيث أنزلنى الله ، أنا عبد الله ورسوله .
ابن النجار، أخرجه أيضًا : النسائى فى الكبرى (6/71 ، رقم 10078) .
- فهذه الأحاديث بوبها رواة السنن فى باب «كراهية التمادح »كما عند أبو داود وغيره ، وفيها أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم يعلم الأمة ألا تتمادح وكره صلى الله عليه وآله وسلم أن يحمد فى وجهه تواضعا لله فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم سيد المتواضعين ، فكان اذا تكلم من مقام التواضع قال " لا تفضلونى على يونس بن متى " ليعلمنا الأدب مع أنبياء الله وكما أنه أيضا يرشدنا الى خلق التواضع التى يحبه الله ، واذا تكلم من مقام العزة قال" أنا حبيب الله " " أنا سيد ولد ادم ولا فخر ادم ومن دونه تحت لوائى " ليعرف الناس مكانته عند ربه سبحانه وتعالى .
- كما أنه أراد صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الاحاديث أن السيادة على الحقيقة لا تكون الا لله واذا أسند هذا لغيره يكون من قبيل المجاز وذلك لتصحيح أصل المعتقد فى عقيدة المسلمين ، فاذا قلنا " فلان رحيم " فالرحيم على الحقيقة هو الله وأما رحمة الخلق مستمدة من رحمته سبحانه وليس بمعزل عنه ، وكذلك حين قال الحق تبارك وتعالى فى سورةالزمر { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا } هذا هو أصل المعتقد أن الله هو الذى يتوفى الانفس ولما استقر هذا الاعتقاد فى نفوس الناس قال { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } فملك الموت لا يتوفى الانفس الا باذن الله..... وهكذا
· أما عن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ".
(مالك ، وأحمد ، والدارمى ، والبخارى ، والترمذى فى الشمائل ، وأبو يعلى ، وابن حبان عن عمر)
- أولا . الاطراء معناه الإطناب فى المدح ومجاوزة الحد .
- ومعنى الحديث . هو النهى عن أن يكون الاطراء فى مدحه صلى الله عليه وآله وسلم أن نقول عليه مثلا ابن الله كما قال بنو اسرائيل على سيدنا عيسى بن مريم أو أنه اله مع الله .
- أو بمعنى اخر . أنه صلى الله عليه وآله وسلم يقول امدحونى كما تحبون وكما تلهمون به من أساليب الإطراء فى المدح ولكن لا يصل الحد الى المغالاة كما كان يفعل بنو اسرائيل ، بل أنا عبد الله ورسوله الذى وصل الى كمال العبودية لله وهى أعلى مقامات القرب ، ورسوله الذى أرسل للناس كافة فأنا سيد المرسلين وامام النبيين وهما نهاية الثناء والمدح فلا تزيدوا عنهما .