قال أبو العالية :
" صلاة الله تعالى : ثناؤه عليه عند الملائكة ،
وصلاة الملائكة : الدعاء ".
# وروي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا :
" صلاة الرب الرحمة ، وصلاة الملائكة الاستغفار ".
# وقال السمعاني :
" الصلاة من الله بمعنى الرحمة والمغفرة ،
ومن الملائكة والمؤمنين بمعنى الدعاء ".
وعن كعب بن عجرة قال:
قيل : يا رسول الله! أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة ؟
قال : " قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد،
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد "
[ رواه البخاري ].
،،،،،
# وعن أبي مسعود الأنصاري قال:
أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ،
فقال له بشير بن سعد :
أُمرنا أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ؟
قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يَسأله ،
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" قولوا : اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ،
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين ،
إنك حميد مجيد "
[ رواه مسلم ، وأهل السنن ].
وهذا يدل على محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ،
وحرصهم على أبواب الأجر وفضائل الأعمال ،
وشدة اتباعهم للسنة ونفورهم من البدعة ،
حيث أنهم لم يلجئوا إلى اختراع صيغ غير واردة
يستعملونها في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ،
وإنما سألوا عن المسنون والمشروع
الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ليلتزموا به .
،،،،،
وردت أحاديث كثيرة صحيحة وحسنة
في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
ومن ذلك :
# عن أبي هريرة رضي الله عنه ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" من صلى عليَّ واحدة ً صلى الله عليه بها عشرًا "
[ رواه مسلم ].
# وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من صلى عليَّ صلاة واحدة ،
صلى الله عليه عشر صلوات ،
وحطَّ عنه بها عشر سيئات ،
ورفعه بها عشر درجات "
[ رواه أحمد والنسائي ، وصححه الألباني ].
# وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ،
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
" إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليَّ ،
فإنه من صلَّى عليَّ صلاة ، صلى الله عليه عشراً ،
ثم سلوا لي الوسيلة ،
فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله ،
وأرجو أن أكون أنا هو ،
فمن سأل الله لي الوسيلة حلَّت عليه الشفاعة "
[ رواه مسلم ].
# وعن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة ،
فإنه مشهود تشهده الملائكة،
وإن أحداً لن يصلي عليَّ إلا عُرضت عليَّ صلاته
حتى يفرغ منها "
قال : قلت: وبعد الموت ؟
قال: " إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "
[ رواه ابن ماجه ، وجوّده المنذري ].
# وعن أوس بن أوس رضي الله عنه ، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مِنْ أفضل أيامكم يوم الجمعة ،
فيه خُلِق آدم ، وفيه قُبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ،
فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليَّ "
[ رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني ].
# وعن الحسين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليِّ "
[ رواه النسائي ، وصححه الألباني ].
# وعن أُبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال :
يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك ،
فكم أجعل لك من صلاتي ؟
قال: " ما شئت "
قال : قلت : الربع ؟
قال: " ما شئت، وإن زدت فهو خير لك ".
قلت : النصف ؟
قال : " ما شئت ، وإن زدت فهو خير لك ".
قلت: الثلثين ؟
قال : " ما شئت ، وإن زدت فهو خير لك ".
قلت : أجعل لك صلاتي كلها ؟
قال :" إذاً تُكفى همَّك ، ويُغفر لك ذنبك "
[ رواه أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح ، ووافقه الألباني ].
،،،،،
و للإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه " جلاء الأفهام " بابا بعنوان :
" في الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم "
جمع فيها ما يقارب الأربعين ثمرة و فائدة من الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ،
نجملها فيما يلي :
الأولى: امتثال أمر الله سبحانه وتعالى.
الثانية: موافقته سبحانه في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم, وإن اختلفت الصلاتان، فصلاتنا عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشرف
الثالثة: موافقة ملائكته فيها.
الرابعة: حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة.
الخامسة: أنه يرفع عشر درجات.
السادسة: أنه يكتب له عشر حسنات.
السابعة: أنه يمحى عنه عشر سيئات.
الثامنة: أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه، فهي تصاعد الدعاء إلى عند رب العالمين.
التاسعة: أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم إذا قرنها بسؤال الوسيلة له أو أفردها،
العاشرة: أنها سبب لغفران الذنوب،
الحادية عشر: أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمه.
الثانية عشر: أنها سبب لقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة
الثالثة عشرة: أنها تقوم مقام الصدقة لذي العسرة.
الرابعة عشرة: أنها سبب لقضاء الحوائج.
الخامسة عشرة: أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة ملائكته عليه.
السادسة عشر: أنها زكاة للمصلي وطهارة له.
السابعة عشرة: أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته، ذكره الحافظ أبو موسى في كتابه، وذكر فيه حديثاً.
الثامنة عشرة: أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة، ذكره أبو موسى وذكر فيه أيضاً حديثاً.
التاسعة عشرة: أنها سبب لرد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الصلاة والسلام على المصلي والمسلم عليه.
العشرون: أنها سبب لتذكر العبد ما نسيه،
الحادية والعشرون: أنها سبب لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
الثانية والعشرون: أنها سبب لنفي الفقر،
الثالثة والعشرون: أنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره صلى الله عليه وسلم.
الرابعة والعشرون: أنها ترمي صاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها.
الخامسة والعشرون: أنها تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله ورسوله ويحمد ويثنى عليه فيه، ويصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم.
السادسة والعشرون: أنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله والصلاة على رسوله.
السابعة والعشرون: أنها سبب لوفور نور العبد على الصراط, وفيه حديث ذكره أبو موسى وغيره.
الثامنة والعشرون: أنه يخرج بها العبد عن الجفاء.
التاسعة والعشرون: أنها سب لإبقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض:
لأن المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل, فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.
الثلاثون: أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره، وأسباب مصالحه،
لأن المصلي داع ربه أن بارك عليه وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنسه.
الحادية والثلاثون: أنها سبب لنيل رحمة الله له،
لأن الرحمة إما بمعنى الصلاة كما قاله طائفة، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح،
فلا بد للمصلي عليه من رحمة تناله.
الثانية والثلاثون: أنها سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها،
وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به,
لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب، واستحضاره في قلبه، واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه, تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه, واستولى على جميع قلبه،
وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه بقلبه، نقص حبه من قلبه،
ولا شيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه, ولا أقر لقلبه من ذكره وإحضار محاسنه،
فإذا قوي هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه و الثناء عليه, و ذكر محاسنه وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه،
الفائدة الثالثة والثلاثون: أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لمحبته للعبد،
فإنها إذا كانت سبباً لزيادة محبة المصلى عليه له,
فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلي عليه صلى الله عليه وسلم.
الرابعة والثلاثون: أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره، استولت محبته على قلبه،
حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به،
بل يصير ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه،
لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه،
وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة ومعرفة، ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم.
الخامسة والثلاثون: أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه صلى الله عليه وسلم وذكره عنده,
كما تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: إن صلاتكم معروضة علي,
وكفى بالعبد نبلاً أن يذكر اسمه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم,
السادسة والثلاثون: أنها سبب لتثبت القدم على الصراط، والجواز عليه,
لحديث عبد الرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم:
"ورأيت رجلاً من أمت يزحف على الصراط ويحبو أحيانا ويتعلق أحياناً، فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه وأنقذته".
رواه أبو موسى المديني, وبنى عليه كتابه في الترغيب والترهيب، وقال: هذا حديث حسن جداً.
السابعة والثلاثون: أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أداة لأقل القليل من حقه، وشكر له على نعمته التي أنعم الله بها علينا،
مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يحصى علماً ولا قدرة، ولا إرادة,
ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه
الثامنة والثلاثون: أنها متضمنة لذكر الله وشكره، ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله،،
فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله، وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله،
التاسعة والثلاثون: أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد هي دعاء، ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان:
أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته، وما ينويه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال، وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.
الثاني: سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه, ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره، ورفعه،
ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه
فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله،
وآثر ذلك على طلبه حوائجه ومحابه هو
بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده،
فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على ما يحبه هو، وقد آثر الله ومحابه على ما سواه، والجزاء من جنس العمل،
فمن آثر الله على غيره آثره الله على غيره،
واعتبر هذا بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا أرادوا التقرب والمنزلة عندهم,
فإنهم يسألون المطاع أن ينعم على من يعلمونه أحب رعيته إليه,
وكلما سألوه أن يزيد في حبائه وإكرامه وتشريفه, علت منزلتهم عنده، وازداد قربهم منه, وحظوا بهم لديه،
لأنهم يعلمون منه إرادة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه،
فأحبهم إليه أشدهم له سؤلاً ورغبة أن يتم عليه إنعامه وإحسانه، هذا أمر مشاهد بالحس,
ولا تكون منزلة هؤلاء ومنزلة المطاع حوائجه هو وهو فارغ من سؤاله تشريف محبوبه والإنعام عليه واحدة
فكيف بأعظم محب وأجله لأكرم محبوب وأحقه بمحبة ربه له؟
ولو لم يكن من فوائد الصلاة عليه إلا هذا المطلوب وحده لكفى المؤمن به شرفاً.
وها هنا نكتة حسنة لمن علم أمته دينه وما جاءهم به، ودعاهم إليه وحضهم عليه, وصبر على ذلك,
وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم له من الأجر الزائد على أجر عمله مثل أجور من اتبعه,
فالداعي إلى سنته ودينه، والمعلم الخير للأمة إذا قصد توفير هذا الحظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفه إليه،
وكان مقصوده بدعاء الخلق إلى الله التقرب إليه بإرشاد عباده،
وتوفير أجور المطيعين له على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع توفيتهم أجورهم كاملة
كان له من الأجر في دعوته وتعليمه بحسب هذه النية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.