الإيمان
- قال الإمام الجنيد رحمة الله عليه: "الإيمان هو الذي يجمعك إلى الله، ويجمعك بالله، والحق واحد، والمؤمن متوحد، ومن وافق الأشياء فرّقته الأهواء، ومن تفرّق عن الله بهواه، وتبع شهوته وما يهواه فاته الحق، ألا ترى أنه أمرهم بتكرير العقود عند كل خطرة ونظرة، فقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله﴾،[1]".[2]
- سئل الجنيد رحمه الله عن الإيمان ما هو فقال: "الإيمان هو التصديق والإيقان، وحقيقة العلم بما غاب عن الأعيان، لأن المخبر لي بما غاب عني، إن كان عندي صادقا لا يعارضني في صدقه ريب ولا شك، أوجب عليّ تصديقي إياه، إن ثبت لي العلم بما أخبر به، ومن تأكيد حقيقة ذلك أن يكون تصديق الصادق عندي يوجب علي أن يكون ما أخبرني به كأني له معاين، وذلك صفة الصدق في التصديق، وقوة الإيقان الموجب لاسم الإيمان.
وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل: (اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فأمره بحالتين إحداهما أقوى من الأخرى، لأني كأني أرى الشيء بقوة العلم به وحقيقة التصديق له، أقوى من أن أكون أعلم أن ذلك يراني، وإن كان علمي بأنه يراني حقيقة علم موجبة للتصديق، والمعنى الأول أولى وأقوى، والفضل يجمعهما على تقديم إحداهما على الأخرى".[3]
- وعن علامة الإيمان قال رضوان الله عليه: "الإيمان علامته طاعة من آمنت به، والعمل بما يحبه ويرضاه، وترك التشاغل عنه بشيء ينقضي عنده، حتى أكون مقبلا عليه، ولموافقته مؤثرا، ولمرضاته متحريا، لأن من صفة حقيقة علامة الإيمان ألا أؤثر عليه شيئا دونه، ولا أتشاغل عنه بسبب سواه، حتى يكون المالك لسرّي، والحاثّ لجوارحي، بما أمرني من آمنت به، وله عرفت، فعند ذلك تقع الطاعة لله على الاستواء، ومخالفة كل الأهواء، والمجانبة لما دعت إليه الأعداء، والمتاركة لما انتسب إلى الدنيا، والإقبال على من هو أولى...".[4]
الهوامش:
[1] سورة النساء، آية 136.
[2] التعرف لمذهب أهل التصوف، أبو بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي (ت380هـ-990م)، تحقيق: عبد الحليم محمود، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط1، 1424هـ/2004م، ص ص: 82-83.
[3] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني الشافعي (ت430هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 2007م، 10/283-284.
[4] المصدر السابق، 10/284.