قال العلامة عبد العزيز بن الصديق: "أمرنا الله سبحانه وتعالى وأمر المؤمنين أن نُحيي ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمَا فيها من رحمة وخير وبركة، فقال سبحانه وتعالى: {وذكرهم بأيام الله} (إبراهيم/7)... فأي فضل وأي خير وأي رحمة أفضل من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ ولهذا يجب على كل مسلم، وعلى كل مؤمن، وعلى كل صادق في دينه أن يُحيي هذه الذكرى، ليُحييَ الإيمانَ في قلبه... ثم إن الله سبحانه وتعالى يقول: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} (يونس/58)، فالله يأمرنا ألا نفرح بدُنيا ولا بجاه ولا بعلم، ولكن نفرح بما أعطانا الله من رحمة وفضل، وأي فضل وأي رحمة أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فبهذا يجب على كل بيت وكل رجل وكل صغير وكل كبير أن يُحيي ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يلتفت إلى قول قائل ولا إلى مُدَّعٍ ولا إلى جاهل ولا إلى مُنكِر ولا إلى بليد ولا إلى كافر يحارب الاحتفال بمولد الرسول، فلا يحارب ذكرى مولد الرسول إلا المنافق المرتد، والكافر المضل...
ذكرى رسول الله تحيي القلوب، لأن الله سبحانه وتعالى قال: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} (يونس/58). ففضل رسول الله ظاهر، بفضله صرنا خير الأمم، وبرحمته عليه الصلاة والسلام رُفِعَ عنا العذاب الذي كان ينزل على الأمم، فكان منهم من يعاني الخسف والمسخ والغرق والحرق، نحن بفضله ورحمته صلى الله عليه وسلم رُفع عنا هذا الكيد، فينزل العذاب ويكون مُجزءا، وينزل اللطف...
فلهذا صار يا عباد الله الاحتفالُ بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام من أوجب الواجبات في هذا الوقت، وإذا كان مستحبا وكان سُنّة منذ سَنَةٍ أو سنتين، نراه واجبا في هذا الوقت، لأنه هو الذي يذكِّرنا بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، بموقفه وكفاحه وجهاده ونضاله ومحاربته للكفر والإلحاد، هاجر صلى الله عليه وسلم بأولاده، هاجر بنسائه، هاجر أوطانه في سبيل إعلاء كلمة الله، فذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكرنا بهذا، فتحيي في نفوسنا الكفاح في سبيل الله، تحيي في نفوسنا النضال في سبيل لا إله إلا الله، تحيي في نفوسنا القيام في وجوه الأعداء، في وجه اللادينيين، في وجه الملاحدة، في وجه الذين يريدون أن يقضوا على ديننا وعلى شرفنا، فلهذا كان الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال، بل من أوجبها وأوكدها في هذا الوقت". (حُجية الاحتفال بالمولد النبوي، محمد رشيد اكديرة والمصطفى اسرايدي، تقديم: د. امحمد خالد، رئيس المجلس العلمي المحلي لسطات، ط 1، 2010م، ص 125-128).