الحركة والتمايل فى الذكر
- أدلة الحركة والتمايل في الذكر من القرآن الكريم .
- يقول الله تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) آل عمران
- قد يقول البعض : أن الذاكرين يتمايلون عند الذكر وهذا مما يخدش وقار المسلم وينقص كرامته ، فنقول لهم : لو كان التمايل في الذكر يخدش وقار المسلم وكرامته لكان من باب أولى حركات الصلاة وما فيها من ركوع وسجود تخدش الوقار أيضاً ولكان السعي بين الصفا والمروة والهرولة تخدش كرامته ويذهب بهاءه ،
- ونقول لهم : إن التمايل أثناء الذكر جائز كما أنه لا ينقص من كرامة المسلم كما يدعي وذلك للأدلة التالية :
- التمايل والاهتزاز منقول عن الصحابة .
- فقد روى أبو نعيم عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال: ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذكروا الله تمايلوا كما تتمايل الشجرة بالريح العاصف إلى أمام ثم تراجع إلى وراء ).
- وعن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد... إلى أن قالت: وهو صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " دونكم يا بني أرفده " حتى إذا مللت قال: "حسبك " قلت: نعم قال :فاذهبي " أخرجه البخاري ومسلم .
- وفي رواية عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: ( كان الحبشة يرقصون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون بكلام لهم: محمد عبد صالح فقال صلى الله عليه وآله وسلم (ماذا يقولون؟) فقيل:يقولون : محمد عبد صالح )
( أخرجه الإمام أحمد وابن حبان وإسناده صحيح )
قال ابن حجر العسقلاني عند شرحه: دونكم يا بني أرفدة : يقولون دونكم بالنصب على الظرفية بمعنى الإغراء والمغزى به محذوف وهو لعبهم بالحراب وفيه إذن وتنهيض لهم وتنشيط .
- وقال حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ( والرقص سبب في تحريك السرور والنشاط ولو كان حراما لما نظرت عائشة إلى الحبشة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يزفنون )
- عن أبى أراكة قال : صليت مع على بن أبى طالب رضي الله عنه الفجر ، فلما انقلب عن يمينه مكث كأن عليه كآبة ، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قدر رمح صلى ركعتين ، ثم قلب يده ، وقال : ( والله لقد رأيت أصحاب محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فما أرى اليوم شيئا يشبههم لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا ، بين أعينهم كأمثال ركب المعز ، قد باتوا لله سجدا وقياما ، يتلون كتاب الله يراوحون بين جباههم وأقدامهم ، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر فى يوم الريح ، وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم ، فإذا أصبحوا والله لكأن القوم باتوا غافلين ( يريد أنهم يستقلّون عبادتهم ). ثم نهض ، فما رئى مفترا ضاحكا حتى ضربه ابن ملجم ) .
( الدينورى ، والعسكرى فى المواعظ ، وأبو نعيم فى الحلية ، وابن عساكر وذكره ابن كثير جـ 8 ، عيون الأخبار جـ2 ) [كنز العمال 44222] .
- عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( اختصم علي وجعفر وزيد ابن حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ابنة حمزة فقال لعلي: أنت مني وأنا منك فحجل علي وقال لجعفر بن أبي طالب أشبهت خلقي وخلقي فحجل وقال لزيد بن حارثة أنت أخونا ومولانا فحجل زيد... الحديث).
وقال ابن حجر العسقلاني عند شرح الحديث: ( وحجل بفتح المهملة وكسر الجيم أي وقف على رجل واحدة وهو الرقص بهيئة مخصوصة ، وهو نتاج التواجد لعظيم ، فرح هؤلاء الصحابة بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم ) .
رواه البخاري والامام احمد .
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأخذ الجبار تبارك وتعالى سماواته وأراضيه بيده جميعاً فيجعل يقبضها ويبسطها ثم يقول عز وجل : أنا الجبار وأنا الملك أين الجبارون وأين المشركون ؟ ويميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفله شئ منه ، حتى أني أقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
- عن أنس رضي الله عنه أنه قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس بكريم من لم يهتز عند ذكر الحبيب ) .
- وقد يقول قائل:
- إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والتابعين لم يفعلوا ذلك وعد فعلهم دليل على عدم جوازه والجواب على ذلك انه قد مر إثبات جواز ذلك بالكتاب والسنة .
قولا في حديث الحبشة لأنه عليه الصلاة والسلام أقرهم وقال (دونكم يا بني أرفدة)
وفعلا في حديث عائشة: (كان يذكر الله على كل أحيانه)
وإقرارا في حديث الحبشة وحجل سيدنا علي وجعفر وزيد ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة رضي الله عنهم كانوا منصرفين للجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الإسلام والفتوح ولم يكن وقتهم متسعا لفعل كل مفردات هذه الكليات فيكفي أنهم فعلوا بعضها وأقروا بعضها وجاء ذكر عمومها في القرآن الكريم.
· إقرار العلماء بالحركة فى الذكر
- سئل الحافظ الإمام ابن حجر رحمه الله تعالى المحدث الكبير عن رقص الصوفية وهل له أصل وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ؟
قال: نعم ، إن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قال له : أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة الخطاب ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو في مصطلح الحديث إقرار والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يسكت عن حرام أو مكروه.
وأفتى بجواز الرقص عند سؤال أحد الحاضرين في مجلسه فقال: يجوز الرقص بدليل فعل الحبشة في المسجد بين يدي رسول الله صلى وكان رقصهم بالوثبات والوجد وإنشاد الشعر جائز بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصل هذه الطرائق من الكتاب والسنة الحاثين على كثرة ذكر الله والاجتماع على محبة الله أما سب المشايخ وتكفيرهم فكفر شرعا بلا خلاف.
- الإمام العلامة محمد السفاريني الحنبلي:
( نقل إبراهيم بن عبدالله القلانسي أن الإمام أحمد رضي الله عنه قال عن الصوفية : لا أعلم أقواما أفضل منهم قيل: إنهم يستمعون ويتواجدون قال دعوهم يفرحون مع الله ساعة، قيل: فمنهم من يموت ومنهم من يغش عليه فقال : وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ذكره العلامة في الفروع )
( غذاء الألباب لمحمد السفاريني 1/129) .
يقول الشيخ أبو مدين رضي الله عنه :
إذا اهتزت الأرواح شوقاً إلى اللقـا ترقصت الأشباح يـا جاهل المعنـى
أمـا تنظر الطير المقفص يا فتـى إذا ذكر الأوطان حـن إلى المغنـى
يفـرج بـالتغـريد ما بفـــؤاده فيطـرب أربـاب العقول إذا عنـى
ويرقص في الأقفاص شوقاً إلى اللقا فتضطرب الأعضاء في الحس والمعنى
كـذلك أرواح المحبيـن يا فتـى تهزهـا الأشـواق للعالـم الأسنـى