هناك جماعة من الدخلاء على الصوفية ـ نسبوا أنفسهم إليهم وهم منهم براء ـ شوَّهوا جمال حلقات الأذكار بما أدخلوا عليها من بدع ضالة، وأفعال منكرة، تحرمها الشريعة الغراء ؛ كاستعمال آلات الطرب المحظورة، والاجتماع المقصود بالأحداث، والغناء الفاحش، فلم يَعُدْ وسيلةً عملية لتطهير القلب من أدرانه، وصلته بالله تعالى، بل صار لتسلية النفوس الغافلة، وتحقيق الأغراض الدنيئة.
ومما يُؤسَف له أن بعض أدعياء العلم قد تهجموا على حِلَقِ الذكر ولم يميزوا بين هؤلاء الدخلاء المنحرفين وبين الذاكرين السالكين المخلصين الذي يزيدهم ذكر الله رسوخاً في الإيمان، واستقامة في المعاملة، وسُموَّاً في الخلق واطمئناناً في القلب. )
( وانما الاهتزاز والتمايل والحركة يا بدون رقص سخيف وسفيف بصورة وقفز ونط و مسافات كما يفعل الجهلة فهو مباح ولا يجوز وجود ادوات والات اللهو والغناء والضرب بالقضيب او التحريف في الاقوال اما ما نراة من بعض الاشخاص فهو ليس من التصوف والتصوف منهم براء فلا ناخذ افعالهم ونحكم علي علم عريق وعلي كل التصوف وعلماء التصوف وطرق التصوف
أخى الفاضل أولا وقبل أن نغوص فى الاجابة على التمايل فى الذكر
فهل هناك نص بعدم الاهتزاز أثناء الذكر؟
يقول الحق سبحانه فى علاه ﴿الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار﴾
ويفسر البعض هذه الآية على أنها للصلاة، وهذا من ضمن المعانى، ولكننا إذا دققنا النظر إلى الآية جيدا نجد ﴿ويتفكرون فى خلق السموات والأرض﴾ فهل يصح التفكر أثناء الصلاة فى خلق السموات والأرض ؟!!
وإذا كانت خاصة بالصلاة فقط فلماذا لم يقل على ظهورهم أو بأعينهم لأنه من المعروف جواز الصلاة -عند المرض- على الظهر وبالعين، ولكن لها معان أخرى، والذى يثبت ذلك قوله تعالى ﴿فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم﴾ إذاً الصلاة شئ وذكر الله قياما وقعودا وعلى جنوبنا شئ آخر بل وأمر إلهى بنص الآية الكريمة، ولم تحدد الكيفية فى حالات القيام أو القعود لأن الآية مطلقة فأنى لنا أن نقيدها من أنفسنا على هيئة معينة وقد قال تعالى ﴿فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال* رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار﴾ فتأمل قوله تعالى ﴿عن ذكر الله وإقام الصلاة﴾. فافهم.
وغير أن الذكر ليس له هيئة مخصوصة فيدعى البعض أن حِلق الذكر على الهيئة التى تقام عليها الآن من تمايل الذاكرين فيها لم تكن على عهد النبى ويطلبون نصوصا صريحة تؤكد أن هذا العمل من سنن السابقين وليس من ابتداع اللاحقين وحجتهم فى هذا أن الذكر بهذه الطريقة يخدش وقار المسلم وينقص من كرامته، فلو كان الأمر هكذا لكان من الأولى حركات الصلاة من ركوع وسجود تخدش الوقار،ونسوا أو تناسوا أنه من مناسك الحج الهرولة فى السعى بين الصفا والمروة والمشى السريع يذهب بهاء المؤمن كما أخبرنا سيدنا رسول الله فى الحديث (سرعة المشى تذهب بهاء المؤمن) أخرجه أبو نعيم.
فيجب عليهم أن يغيروا من عبادات الإسلام لإنها تخدش وقار المسلم وتنقص من كرامته والأمثلة فى ذلك عديدة.
إن التمايل فى الذكر حالة طبيعية فطرة فطر الله الناس عليها
انهم اذا رأوا شعيرة من شعائر الله تعالى او آيات من عظمة قدره
فإن الروح تضطرب وتهتز بنشوة من مشاهدة آثار صفات الحق ...
فكيف بمن ذكره وأورد إسمه فى لسانه وقلبه.
وأنى لنا أن ننكر التمايل فى الذكر وقد أورد
عبد الله بن عقبة فى مجمع الزوائد
عن الإمام على قائلا:
كان أصحاب رسول الله يتمايلون فى الذكر كما تمايل الريح الأشـجار.
كما أورد الإمام أحمـد فى الزهـد عن أبو أراكه: وإذا ذكروا الله مادوا كما يميد النخيل فى اليوم العاصف الريح وتنهمل دموعهم حتى تبتل ثيابهم.
وانظر معى إلى هذا الحديث الذى لم يحدد فيه أشرف الخلق حالة للذكر بل أطلقه،
فقد قال (أيها الناس اذكروا الله على كل حال)
أورده الديلمى وذكره المناوى فى كنوز الحقائق.
وقال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات
حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا.
للإمام النووى فى الأذكار.
وانظر معى يا أخى إلى قارئ القرآن أما تراه يهتز أثناء قراءته،
ذلك لأن كلام الله يخاطب الأرواح فتهتز طربا ويهتز معها جسدها.
ولله در القائل:
إذا اهتزت الأرواح شوقا إلى اللقا نعم ترقص الأشباح يا جاهل المعنى
وقد أخرج الإمام السيوطى فى الخصائص والسهروردى فى كتابه (عوارف المعارف) الباب الخامس والعشرون فى القول والسماع مانصه:
عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله إذ نزل عليه جبريل عليه السلام فقال: يا رسول الله إن فقراء أمتك يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام ففرح رسول الله فقال: هل فيكم من ينشدنا؟ فقال بدرى -أى ممن حضر غزوة بدر-نعم يا رسول الله، فقال رسول الله : هات، فأنشأ الأعرابى:
لقد لسعت حية الهوى كبدى فلا طبيب لها ولا راقى
إلا الحبيب الذى شغفت بـه فعنده رقيتى وتريـاقى
فتواجد رسول الله وتواجد الأصحاب معه حتى سقط رداؤه عن منكبه،
فلما فرغوا آوى كل واحد منهم إلى مكانه.
فقال معاوية بن أبى سفيان: ما أحسن لعبكم يا رسول الله، فقال :
(مه يا معاوية ليس بكريم من لم يهتز عند سماع ذكر الحبيب)،
ثم قسم رداءه على من حاضرهم بأربعمائة قطعة.
ومعنى التواجد أى الاهتزاز، وسقوط ردائه دلالة على شدة الاهتزاز.
وأخرج الإمام أحمد فى الزهد عن ثابت البنانى قال كنت عند رسول الله لما نزلت
﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم﴾ فخرجنا نلتمسهم فوجدنا سلمان فى عصابة يذكرون الله فلما رأونا كفوا فقال : (ما كنتم تقولون؟) قال سلمان: نذكر الله الله، فقال : (إنى رأيت الرحمة تغشاكم، الحمد لله الذى وجد فى أمتى من أمرت أن أصبر نفسى معهم).
وللحديث رواية أخرى عن عثمان بن مظعون ورواية ثالثة عن عبد الله بن رواحة.
وعن جابر قال: خرج علينا رسول الله فقال (يا أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر فى الأرض، فارتعوا فى رياض الجنة)، قلنا: وأين رياض الجنة يا رسول الله؟ قال : (مجالس الذكر فاغدوا وروحوا فى ذكر الله وذكروه أنفسكم).أخرجه الطبرانى والحاكم وأبوالدنيا وأبويعلى والبزار وصححه البيهقى
وعن أبى أراكة قال: صليت خلف الإمام على بن أبى طالب صلاة الصبح فلما سلم جلس وعليه كآبة فمكث حتى طلعت الشمس قدر رمح فصلى ركعتين فلما انفتل عن يمينه قلب يده وقال: والله رأيت أصحاب محمد وما أرى اليوم شيئا يشبههم كانوا يصبحون شعثا غبرا قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم وكانوا إذا ذكروا الله مادوا كما يميد الشجر فى يوم الريح وهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم. أخرجه الإمام أحمد فى الزهد وابن أبى الدنيا والحافظ أبو نعيم فى الحلية وابن عساكر.
وقال : (اذكروا الله ذكرا حتى يقول المنافقون أنكم تراؤن) أخرجه الإمام أحمد.
وفى رواية أبو يعلى الموصلى (اذكروا الله ذكرا كثيرا حتى يقولوا مجنون) للإمام المناوى فى كنوز الحقائق.
وفى رواية الإمام أحمد (أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون).
وجاء فى كتاب الأذكار للإمام النووى عن ابن عمر قال: قال رسول الله (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: (حلق الذكر فإن لله تعالى سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم).
من سلسلة العطايا-كتاب الذكر
لاحظ كلمات القرآن والحديث التى وردت فى الذكر، وكيف دلت على قبوله على أى حال، بل إنها صلت إلى ألا تبالى إن قال الناس أنك مجنون أو مرائى، ولاحظ كلمات: إرتعوا فى رياض الجنة، واغدوا وروحوا فى ذكر الله، مادوا -مالوا- كما يميد الشجر فى يوم الريح، ولاحظ تواجد المصطفى وأصحابه حتى سقط عنه رداءه، ولاحظ حلق الذكر فى المسجد يقولون ’الله الله’، وغير ذلك مما أوردناه ومما هو موجود فى إجابات الأسئلة الأخرى فى هذه الصفحة، ومن هنا نفهم أن التمايل فى الحضرة والالتفاف هو عمل مشروع يؤيده القرآن والسنة، ويتماشى مع الفطرة التى فطر الله الناس عليها، ولاحظ: (ليس بكريم من لم يهتز عند سماع ذكر الحبيب).
ولا يخفى على أصحاب العقول السليمة أو على من له أدنى اطلاع على السيرة النبوية ما حدث من بنات النجار وأهل المدينة يوم أن قابلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة بالطبول والدفوف ن وينشدون القصيدة :
طلع البدر علين من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مـا دعا لله داع
فقال لهم رسول الله( أرحتمونا والله إن قلبي يحبكن )
الحركة في الذكر أمر مستحسن، لأنها تنشط الجسم لعبادة الذكر وهي جائزة شرعاً بدليل ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده والحافظ المقدسي برجال الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه قال:
(كانت الحبشة يرقصون بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ويقولون بكلام لهم: محمد عبد صالح، فقال (صلى الله عليه وسلم): "ماذا يقولون ؟
" فقيل: إنهم يقولون: محمد عبد صالح، فلما رآهم في تلك الحالة لم ينكر عليهم، وأقرهم على ذلك، والمعلوم أن الأحكام الشرعية تؤخذ من قوله (صلى الله عليه وسلم) وفعله وتقريره، فلما أقرهم على فعلهم ولم ينكر عليهم تبين أن هذا جائز
وفي الحديث دليل على صحة الجمع بين الاهتزاز المباح ومدحِ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأن الاهتزاز بالذكر لا يُسمى رقصاً محرماً، بل هو جائز لأنه ينشط الجسم للذكر، ويساعد على حضور القلب مع الله تعالى ؛ إذا صحت النية. فالأمور بمقاصدها، وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى.
واعلم اخي المسلم ان لكل شخص حال وقوة في الاستحمال
فإن صاحب الخشوع القلبي والوجِل بذكر الله تعالى ، قد يغيب عقله عن احترام الناس واعتبار أهل المجلس ، فيقوم ويقعد ويدور ويتواجد ، وربما يسقط على الأرض على حسب قوة استعداده لتحمل الواردات الإلهية عليه .
فنري الصحابة رضوان الله عليهم
حجل علي بن ابي طالب رضي الله عنة عندما قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أنت مني وأنا منك "
حجل زيد بن حارثة عندما قال له النبي صلى الله عليه وسلم " أنت أخونا ومولانا "
وهذا الحديث في فعل الصحابة رضي الله عنهم , أخرجه أحمد ( 1/108) و ( 1/98)
قال الكتاني :
والحجل بحاء فجيم فلام رقص على هيئة مخصوصة
فعندما اخبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيدنا ابا بكر الصديق رضي الله عنه ان الله يقول لك انا راضون عنه فهل هو راض عنا. فكان وقع القول عليه شديدا فوضع يده على راسه واخذ يدور حول نفسه دون ان يتمالك نفسه. وكذلك اما قال سيدنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لجعفر بن ابي طالب رضي الله عنه "انت اشبه الناس بي خلقا وخلقا" فقام امام حضرة الرسول يتمايل بجسده اما سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه وهو ييروي قصة اسلامه كنت براس النخلة ولما قال سيدي اليهودى لصاحبه وصل النبي محمد الى المدينة يقول فاصابتني رعشة شديدة كدت اسقط على الارض لولا تمالكت نفسى .وعلى هذا فحالة الوجد والهيام ليست طارئة على الثقافة العربية الاسلامية وانماوانما داعبت الوح والوجدان منذ اشراقة الاسلام الاولى
وهذا هو حال اهل الذكر فلكل شخص احتمالة
ولكل شخص خشوعة
فهناك ما لم يتمالك نفسة في حالة الوجد وفقد التركيز
تمايل الصحابة رضي الله عنهم في الذكر كما تتمايل الشجرة بالريح العاصف , وهذا روى مثله أبو نعيم وابن عساكر وابن كثير
الإمام علي رضي الله عنه كيف يصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو أراكة: ( صلّيتُ مع علي صلاة الفجر، فلما انفتل عن يمينه مكث كأنَّ عليه كآبة، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين، ثم قلب يده فقال: والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما أرى اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون صفراً شعثاً غبراً، بين أيديهم كأمثال رُكَب المَعْزى، قد باتوا لله سجداً وقياماً، يتلون كتاب الله يتراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم حتى تَنْبَلَّ ـ والله ـ ثيابُهم) ["البداية والنهاية في التاريخ" للإمام الحافظ المفسر المؤرخ إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى 774هـ. ج8/ص6. وأخرجه أيضاً أبو نعيم في "الحلية" ج1/ص 76].
ويهمنا من عبارة الإمام علي رضي الله عنه قوله:
(مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح)، فإنك تجده صريحاً في الاهتزاز، ويُبطل قولَ من يدَّعي أنه بدعة محرمة، ويثبت إباحة الحركة في الذكر مطلقا
-قول النبي صلى الله عليه وسلم :
" أكثروا ذكر الله تعالى حتى يقولوا انه مجنون "أخرجه أحمد ( 3/68 ) والحاكم ( 1/499) وصححه
وكيف يقول الناس عنه مجنون لو لم يكن بحالة حركة ؟
(والحركة هنا كما قلنا التمايل وليس القفز والنط والرقص السفيف)
ولكل ذاكر حال مع الذكر
الحديث الذى رواه الامام الثقه احمد ابن حمبل والامام الضياء المقدسى واخرون من ائمه الحديث وقالوا حديث حسن حينما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحابته فى المسجد وقال لهم(مامعناه) هل فيكم غريب فقالوالا يارسول الله فقال عليه الصلاه والسلام اغلقوا الابواب وقوموا وارفعوا ايديكم وقولوا لااله الا الله فقال راوى الحديث فرفعنا ايدينا ساعه وقلنا لااله الا الله ...
الى اخر الحديث الشريف صلوات الله وسلامه عليه
خرج جمع من الصحابة يوم العيد , منهم الزبير وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين فجعلوا يذكرون الله , فقال بعضهم : أما قال الله
" يذكرون الله قياما وقعودا " , فقاموا يذكرون الله على أقدامهم .
وفي هذا تبرك بنوع موافق للاية في ضمن فرد من أفراد مدلولها , كما يقول ذلك الالوسي في تفسيره
روي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال :
وألذ من نقرِ الفتاةِ لدُفها نقري لألقي الرملَ عن أوراقي
وتمايلي طرباً لحلِ عويصةٍ في الدرس أشهى من مدامة ساقِ
فقد أتى في الشرح : قوله ( وتمايلي ) :
التمايل : الترنح في سرور وغبطة .
والطرب : هِزَّةٌ تصيب الإنسان لشدة حزن أو سرور، وقد يخص بالسرور، وحلول الفرح وذهاب الحزن .
وقال الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام رضي الله عنه :
ما في التواجدِ إن حققتَ من حرجٍ ولا التمايلِ إن أخلصتَ من باسِ
إن السماعَ صفاء نور صفوتهِ يخفى ويُحجَبُ عمن قلبهُ قاسي
نورٌ لمن قلبُه بالنورِ منشرِحٌ نارٌ لمن صدرُه ناووسُ وسواسِ
راحٌ وأكْؤُسُها الأرواحُ فهي على قدرِ الكؤوسِ تريك الصفوَ في الكاسِ
حادٍ يذكّرُكَ العهدَ القديمَ وإن تقادم العهد ما المشتاقُ كالناسي
فليس عارٌ إذا غنّى له طرباً يئنُ بالناس لا يخشى من الناسِ
ولا تنسي اخي
في هذه الدنيا الواسعة تجد ان البعض عندما يسمع الموسيقى او (الاغاني) التي هي كما تسمى غذاء الروح يهيم ويرقص طربا ويدع جميع اطرافه تتحرك تلقائيا بلا قيود مسترسلة لما في قلبه ومخيلته من تخيلات واحلام (بمعشوقه) فينسى عالمه وعمله ويبقى هائما بمن احب. فكيف بالذي احب الخالق وعشقه افلا يهيم ويطرب بسماع ذكره؟ فاذا كانت الموسيقى غذاءا للروح فماذا يكون سماع الذكر؟ فهو غذاء الجوارح والروح ونورها الذي يضيء كل مظلم فيها ويروى ارضها الضمأى ليهيم السامع طربا ويشعر ان روحه تعانق عنان السماء بمجرد ذكر اسم معشوقه فلا يستطيع ان يمسك نفسه عن التمايل والوجد طربا وفرحا وهياما وحزنا فجميع مشاعره حاضرة بحضرة الجليل لا يدري هل يبكي او يبتسم او يتمايل او... فهو يبكي من خشية الله ويبتسم للقائه ويتمايل هياما به فجميع الكون حاضرا به بشجره وطيره وجباله فالكل يسبح لله والكل يتمايل بطربه بذكر الله جل جلاله (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)
وهذا حال الذكر مع البعض فياخذة حبة للخالق الي نسيان نفسة
ولا يشعر بنفسة لحبة في الخالق
اذن يجوز التمايل بالذكر و لكن في حدود التمايل و ليس الرقص او القفز كما يفعل بعض الجهال فهم يعتقدون ان ذلك هو الوجد و الوجد بريء منهم.
كذلك يجب ان يحصر الذاكر نفسه مع ربه و لا يقلد اخوانه فكل ذاكر له احساسه الخاص به والمختلف عن الآخرين.
و أخيرا لا يجب ان نعاتب الكل على تصرفات البعض
وأشار القاضي حسين في تعليقه, والغزالي في إحيائه إلى أن محل الخلاف فيمن فعله باختياره بخلاف من كان من أهل الأحوال، فحصل له وجد اضطره إليه فإن هذا لا حرمة ولا كراهة عليه اتفاقا
وعلى كلٌّ ؛ فإن غاية المسلم في دخوله حلقات الأذكار قيامه بعبادة الذكر،
وإن الحركة في ذلك ليست شرطاً، ولكنها وسيلة للنشاط في تلك العبادة
وَتَشبُّهٌ بأهل الوجد إن صحت النية.
فتَشَبَّهوا إنْ لم تكونوا مثلهم إنَّ التشبهَ بالرجال فلاحُ
وكما قلنا انما الاعمال بالنيات
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين