11- وعن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا وغمس يده فيها فربما جاؤوا في الغداة الباردة فيغمس يده فيها([50]).
12- وعن ام ثابت كبشة بنت ثابت أخت حسان بن ثابت رضي الله عنهما قالت : ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فشرب من قربة معلقة قائما فقمت إلى فيها فقطعته)([51]).
13- عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في آخر الليل فصليت خلفه فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على صلاته خنست فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما انصرفت قال: (ما شأنك ؟ أجعلك حذائي فتخنس) فقلت: يا رسول الله أو ينبغي لأحد أن يصلي بحذائك وأنت رسول الله الذي أعطاك الله؟ قال: فأعجبه فدعا لي أن يزيدني الله علما وفقها([52]).
14- وعن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا وصليا ثم وجد الماء في الوقت فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرا له ذلك فقال للذي لم يُعد: «أصبت السنة وأجزأتك صلاتك» وقال للذي أعاد «لك الأجر مرتين»([53]).
15- وعن سيدنا علي رضي الله عنه قال: كان أبو بكر يخافت بصوته إذا قرأ وكان عمر يجهر بقراءته وكان عمار إذا قرأ يأخذ من هذه السورة وهذه السورة فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لأبي بكر : « لِمَ تخافت؟» قال: إني أسمع من أناجي وقال لعمر: « لِمَ تجهر بقراءتك؟» قال : أفزع الشيطان وأوقظ الوسنان وقال لعمار: « لِمَ تأخذ من هذه السورة وهذه السورة؟» قال: أتسمعني أخلط به ما ليس منه؟ قال: (لا ) ثم قال: «فكله طيب»([54]).
16- عن سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه : أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرودة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمنا على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذكروا له ذلك فقال: ( يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟!) فقلت : ذكرت قول الله تعالى ﴿ ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما﴾([55]) فتيممت وصليت فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقل شيئا([56]).
17- وحديث سيدنا خباب رضي الله عنه أنه أول من سن الصلاة لكل مقتول صبرا ركعتين ([57]).
18- وعن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت: لما قدم وفد الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلعبون في المسجد قال الزهري: وأخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: دخل عمر .. والحبشة يلعبون في المسجد فزجرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « دعهم يا عمر فإنما هم بنو أرفدة»([58]).
وفي رواية : «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة»([59]).
19- وعن سعيد بن المسب أن سينما بلالا اتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤذن بصلاة الفجر ، فقيل : هو نائم فقال: «الصلاة خير من النوم»([60]) فأقرت في صلاة الفجر.
وفي رواية ( ما أحسن هذا فاجعله في أذانك)([61]).
وفي رواية : ( أن المؤذن جاء إلى عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال: الصلاة خير من النوم فأقره عمر أن يجعلها في أذان الفجر)([62]).
20- عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال: جاء رجل والناس في الصلاة فقال حين وصل إلى الصف: الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال: ( من صاحب الكلمات؟) قال الرجل : أنا يا رسول الله ، والله ما أردت بها إلا الخير قال: (لقد رأيت أبواب السماء فتحت لهن) قال ابن عمر : فما تركتهن منذ سمعتهن([63]).
21- وعن سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: ( أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر التلبية مثل حديث ابن عمر قال : والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا)([64]).
وفي رواية مسلم : واهل الناس بهذا الذي يهلون فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ولزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلبيته([65]).
22- وعن سيدنا رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رفع راسه من الركعة قال ( سمع الله لمن حمده) قال رجل وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال (من المتكلم؟) قال: أنا قال: «رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها»([66]).
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ( يستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور وعلى جواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش).
23- وعن سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا قال ذات يوم ودخل في الصلاة: الحمد لله ملء السماء وسبح ودعا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قائلهن؟ فقال: أنا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم « لقد رأيت الملائكة تلقي به بعضها بعضا»([67]) .
24- وعن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحلقة إذ جاء رجل فسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى القوم فقال السلام عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته» فلما جلس قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم « والذي نفسي بيده لقد ابتدرها عشرة أملاك كلهم حريصون على أن يكتبوها فما دروا كيف يكتبونها فرجعوا إلى ذي العزة جل ذكره فقال « اكتبوها كما قال عبدي»([68]).
25- وعن سيدنا رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فلما انصرف قال: (من المتكلم؟ ثلاثا) فقلت أنا فقال: والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها([69]).
26- وعن سيدنا علاقة بن صحار السليطي التميمي رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم اقبل راجعا من عنده فمر على قوم عندهم رجل موثق بالحديد فقال أهله: إنه قد حدثنا أن صاحبكم قد جاء بخير فهل عندك شيء ترقيه؟ فرقيته بفاتحة الكتاب فبرأ فاعطوني مائة شاة فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (خذها فلعمري لمن اكل برقية باطل قد اكلت برقية حق)([70]).
27- وعن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رهطا من اصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم انطلقوا في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوا فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذي نزل بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ فسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء فهل عند أحدكم شيء ؟ فقال بعضهم : نعمم والله إني لراق ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما انا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل ويقرأ ﴿ الحمد لله رب العالمين﴾ حتى كأنما نشط من عقال فانطلق يمشي ما به قلبة قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقسموا وقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي رسول اله صلى الله عليه وآله وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا به فقدموا على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له فقال: (وما يدريك أنها رقية ثم قال: قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم بسهم)([71]).
28- وعن سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرا على مبتل في أذنه فأفاق فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( ما قرأت؟) قال ﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا﴾([72]) إلى آخر السورة فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم « لو أن رجلا مؤمنا قرأ بها على جبل لزال»([73]).
29- عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر على أعرابي وهو يدعو في صلاته: يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث ولا يخش الدوائر ويعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار وعدد قطر الأمطار وعدد ورق الأشجار وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار ولا تواري منه سماء سماء ولا أرض أرضا ولا بحر إلا يعلم ما في قعره ولا جبل إلا يعلم ما في ورعه اجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه وخير أيامي يوم ألقاك فيه فوكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأعرابي رجلا فقال : ( إذا صلى فأتني به) وكان قد اهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذهب من بعض المعادن فلما أتاه الأعرابي وهب له الذهب وقال: (ممن انت يا أعرابي) فقال من بني عامر بن صعصعة يا رسول الله قال يا أعرابي هل تدري لما وهبت لك الذهب قال : للرحم الذي بيني وبينك قال صلى الله عليه وآله وسلم « إن للرحم حقا ولكن وهبت لك الذهب لحسن ثنائك على الله»([74]).
30- عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحلقة ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد تشهد ودعا فقال في دعائه اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم « لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سئل أعطى»([75]).
31- وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ ﴿ قل هو الله أحد﴾ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال «سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟» فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا احب أن أقرأ بها فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أخبروه أن الله يحبه»([76]).
نبذة مما أحدثه الصحابة رضي الله عنهم بعد عهد النبوة
أخرج البزار بسنده : خرجنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في يوم عيد فسأله قوم من أصحابه عن الصلاة قبل العيد وبعدها فلم يرد عليهم شيئا ثم جاءه قوم فسألوه فلم يرد عليهم شيئا فلما انتهينا إلى الصلاة فصلى بالناس فكبر سبعا ثم خطب الناس ثم نزل فركب فقالوا: يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم يصلون! قال: فما عسيت أن أصنع؟ سألتموني عن السنة إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها فمن شاء فعل ومن شاء ترك أتروني امنع قوما يصلون فاكون بمنزلة من منع عبدا إذا صلى .
عن عبدالرحمن بن عبدالقاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسدد فإذا الناس اوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر رضي الله عنه : إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر: نعمت البدعة هذه والتي ناموا عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله([77]).
قال ابن الأثير في النهاية عند ذكر البدعة الحسنة: ( ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يسنها لهم وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن ابي بكر وإنما عُمر جمع الناس عليها وندبهم اليها فبهذا سماها بدعة وهي على الحقيقة سنة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين»([78]) ، وقوله : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر([79]) ، وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر «كل بدعة ضلالة»([80]) وإنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة).
وعند البيهقي عن السائب بن يزيد رضي الله عنه بإسناد صحيح قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب بعشرين ركعة وكانوا يتوكؤن على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول في التشهد بعد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته: (السلام علينا من ربنا) فيزيد على اللفظ الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفظة: (من ربنا).
وثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يلازم في اسفاره كلها القصر فيصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين ولم يثبت قط أنه صلى الرباعية أربعا في السفر ومع ذلك فقد صلى عثمان رضي الله عنه في منى اربعا وأنكر عليه ابن مسعود ثم صلاها معه اربعا فلما قيل له قال : إني أكره الخلاف([81]).
وأخرج ابن أبي شيبة عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال: ألا يقوم احدكم فيصلي أربع ركعات ويقول فيهن : (تم نورك فهديت فلك الحمد وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد وبسطت برك فأعطيت فلك الحمد ربنا وجهك أعظم الوجوه وجاهك أعظم الجاه وعطيتك أفضل عطية وأهنأها تطاع ربنا فتشكر وتعصى فتغفر وتجيب المضطر وتكشف الضر وتشفي السقيم وتغفر الذنب وتقبل التوب ولا يجزي بآلائك أحد ولا يبلغ مدحك قول قائل).
وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء وهي دار في سوق المدينة وسمي هذا الأذان ثالثا باعتبار إضافته إلى الأذان الأول والإقامة ويقال له ثان بإسقاط اعتبار الإقامة([82]).
وقتال أبي بكر رضي الله عنه لما نعي الزكاة واستباحة دمائهم حتى يُذعنوا له حتى قال قولته المشهورة : (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم عليه مع قول عمر ومراجعته له ثم إذعانه لرأيه فقال: فعلمت أنه الحق([83]).
وعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنه ان تلبية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وكان عبدالله بن عمر يزيد في تلبيته: لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل([84]).
وعن ابن عمر رضي الله عنه أيضا: (أن عمر كان يقول هذه الزيادة في تلبيته)([85]) وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يزيد أيضا : ( لبيك مرغوب إليك ذا النعماء والفضل الحسن)([86]).
وكان الناس يزيدون في التلبية ( ذا المعارج)([87]).
وذكر الحافظ في المطالب العالية أنه كان سيدنا أنس رضي الله عنه يقول في تلبيته : ( لبيك حقا حقا تعبدا ورقا).
والذي ثبت عن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه عنه البخاري ومسلم وغيرهما أنه كان يستلم الركنين اليمانيين من الكعبة المشرفة ولم يستلم غيرهما وصح عن جماعة من الصحابة استلام الأركان الأربعة .
فعن أبي الطفيل قال قدم معاوية وابن عباس الكعبة فاستلم ابن عباس الأركان كلها فقال له معاوية إنما استلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الركنين اليمانيين ! قال ابن عباس: ليس شيء من البيت مهجورا([88]).
وحكى ابن المنذر ذلك عن جابر وأنس والحسن والحسين رضي الله عنهم:
جاء سيدنا عمر بن الخطاب إلى سيدنا أبي بكر رضي الله عنه يقول له: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرى القتل قد استمر في القراء فلو جمعت القرآن في مصحف فيقول الخليفة: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فيقول عمر: إنه والله خير ولم يزل به حتى قبل فيبعثان إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فيقولان له ذلك فيقول: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فيقولان له : إنه والله خير فلا يزالان به حتى شرح الله صدره كما شرح صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما([89]).
وقد أقر الشاطبي بهذا العمل وأنه واجب وسماه مصلحة وأبى أن يسميه بدعة لأن البدعة عنده ما قصد بها الزيادة على الشارع ويعني بهذا البدعة السيئة.
وعن أبي مدينة الدارمي وكانت له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة ﴿ والعصر إن الإنسان لفي خسر ﴾([90]).([91])
ولما جمع زيد بن ثابت القرآن في مصحف وضعها عند أبي بكر فلما توفي كانت عند عمر فلما توفي كانت عند حفصة وفي أوائل خلافة عثمان رضي الله عنه حصل الاختلاف في قراءة القرآن فقال حذيفة بن اليمان لعثمان رضي الله عنهما: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة ، قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأهل الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب فيأتون بما لم يسمع أهل العراق وأهل العراق يقرؤون بقراءة عبدالله بن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضا فارسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي علينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وأرسل إلى كل أفق بمصحف وحبس واحدا بالمدينة وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ان يحرق وتركوا القراءات الشاذة.
وهذا العمل وإن لم يكن على عهد النبوة لكنه يعد من أهم وأكبر حسنات سيدنا عثمان وأكثرها فائدة للإسلام والمسلمين.
وعن سيدنا أنس رضي الله عنه : أنه شهد جنازة رجل من الأنصار قال: فأظهروا الاستغفار فلم ينكر ذلك أنس وأدخلوه من قبل رجل القبر([92]).
وعن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فقال: اللهم إني أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرزاقين.
وأخرج الطبراني عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده ودعا لهم.
وعن داود بن أبي صالح قال: أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال : أتدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال: نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم آتِ الحجر([93]).
وعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنه : أنه كان يقول في تشميت العاطس : يرحمنا الله وإياكم ويغفر الله لنا ولكم. والمأثور : فليقل له صاحبه : يرحمك الله فإذا قال له ذلك فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم([94]).
وأخرج أحمد في الزهد عن سيدنا أبي صفية رضي الله عنه – رجل من الصحابة كان خازنا – أنه كان يسبح بالحصى.
وأخرج ابن سعد أن سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان يسبح بالحصى.
وسيدنا أبو هريرة رضي الله عنه أيضا صح عنه أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة فلا ينام حتى يسبح به. وقد قال رضي الله عنه : (إني لأستغفر الله عز وجل وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة وذلك على قدر ذنبي)([95]).
واخرج الطبراني في معجمه الأوسط عن سيدنا علي كرم الله وجهه أنه كان يعلم بصيغة جديدة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولها: (اللهم يا داحي المدحوات…).
وأورد الحافظ ابن حجر في المطالب العالية – ورمز بالصحة – عن ثوبة مولى بني هاشم قال: قلت لابن عمر: كيف الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فقال ابن عمر ( اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير اللهم ابعثه يوم القيامة مقاما محمودا يغبطه الأولون والآخرون وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وعن سيدنا الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبدالله بن عمر فيغدو معه إلى السوق قال: فإذا غدونا إلى السوق لم يمر عبدالله على سفاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه فقلت له : ما تصنع وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق؟ فقال: يا أبا بطن – وكان الطفيل ذا بطن – إنما نغدوا من اجل السلام لنسلم على من لقيناه([96]).
وعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما أن المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه ابو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والفضة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج (خشب هندي).
وعن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت: إن المقام كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزمن أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر.
وقال الحافظ في فتح الباري: ولم تنكر الصحابة فعل عمر ولا من جاء بعدهم فصار إجماعا وكأن عمر رأى إبقاءه يلزم منه التضييق على الطائفين أو على المصلين فوضعه في مكان يرتفع فيه الحرج وتهيأ له ذلك لأنه الذي كان أشار باتخاذ مصلى وأول من عمل عليه المقصورة الموجودة الآن.
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه : (أول من أرزق المؤذنين إمام هدى عثمان ابن عفان).
وإن مما يعتقد بعض الناس بدعيته وهو ثابت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
و الله من وراء القصد و هو يهدى السبيل و صلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه و سلم