مذهب السلف هو التفويض لا التجسيم
مذهب السلف رضي الله عنهم هو إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي كل نقص عنه سبحانه حتى جاء ابن تيمية وحمل الألفاظ على ظواهرها اللغوية ثم بلكف الأمر ( أي قال الكيف مجهول ) بينما السلف أثبتوا هذا النصوص والصفات على أنها صفات خبرية مع القطع بأن هذا الصفات ليست جوارح ولا أعضاء .
ويغفل كثير من الناس عن دلالة هذا النفي وحقيقة الأمر أن السلف لما نفوا الجوارح نفوا حمل الألفاظ على حقائقها اللغوية لآن حقيقة اليد في اللغة هي الجارحة فإذا نفى السلف الجارحة فيعني ذلك أنهم نفوا المعنى اللغوي الظاهر ليكلمة يد
وهكذا قل في النزول فالسلف يقولون بلا انتقال ولا زوال ، مع العلم أن حقيقة النزول اللغوية مركبة من أمرين :
1- الانتقال من علو إلى سفل
فراغ المكان الأعلى واشتغال المكان الأسفل
فإذا قيل بلا انتقال ولا زوال كان في ذلك نفي المعنى الحقيقي الذي يثبته ابن تيمية .
والعجيب أن المسألة مع وضوحها يصر الوهابية أو السلفية على المغالطة فيها
وهذا النقول توضح لك أن العلماء مطبقون على أن مذهب السلف هو التفويض
وقال الإمام أبي الفضل عبد الواحد التميمي المتوفى سنة 410هـ في كتابة اعتقاد الإمام المنبل أبي عبد الله أحمد بن حنبل : ومذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه : أن لله عز وجل وجها لا كالصور المصورة والأعيان المخططة ، بل وجه وصفة بقوله ( كل شيء هالك إلا وجهه ) ومن غير معناه فقد ألحد عنه ، وذلك عنده وجه في الحقيقة دون المجاز .
ووجه الله باق لا يبلى ، وصفة لا تفنى ، ومن ادعى أن وجهه نفسه فقد ألحد ومن غير معناه فقد كفر ، وليس معنى وجه معنى جسم عنده ولا صورة ولا تخطيط ، ومن قال ذلك فقد ابتدع . اهـ
وقال أيضا : وكان يقول – أي أحمد – إن لله تعالى يدان وهما صفة في ذاته ليستا بجارحتين وليستا بمركبتين ولا جسم ولا جنس من الأجسام ، ولا من جنس المحدود والتركيب والأبعاض والجوارح ، ولا يقاس على ذلك ، ولا مرفق ، ولا عضد ولا فيما يقتضي ذلك من إطلاق قولهم : يد ، إلا ما نطق القرآن به ، أو صحت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه . اهـ
وقال أيضا : وكان – أي أحمد – يقول إن الله عز وجل مستو على العرش المجيد ، وحكى جماعة عنه أن الاستواء من صفات الفعل ، وحكى جماعة عنه أنه كان يقول : إن الاستواء من صفات الذات .
وكان يقول في معنى الاستواء : هو العلو والارتفاع ولم يزل الله تعالى عاليا رفيعا قبل أن يخلق عرشه فهو فوق كل شيء ، والعالي على كل شيء وإنما خص الله العرش لمعنى فيه يخالف سائر الأشياء .
والعرش أفضل الأشياء وأرفعها فامتدح الله بأنه على العرش استوى : أي عليه علا ، ولا يجوز أن يقال : استوى بمماسة ولا بملاقاة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل ولا يلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش.
وقال الإمام المحدث الفقيه البيهقي في كتابه العظيم شعب الإيمان : قال الحليمي رحمه الله تعالى : وأما البراءة من التشبيه بإثبات أنه ليس بجوهر ولا عرض ، فلأن قوما زاغوا عن الحق ، فوصفوا الباري جل وعز ببعض صفات المحدثين . فمنهم من قال : إنه جوهر .
ومنهم من قال : إنه جسم .
ومنهم من أجاز أن يكون على العرش قاعدا ، كما يكون الملك على سريره .
وكل ذلك في وجوب اسم الكفر لقائله كالتعطيل والتشريك .
فإذا ثبت أنه ليس كمثله شيء ، وجماع ذلك أنه ليس بجوهر ولا عرض ، فقد انتفى التشبيه ، لأنه لو كان جوهرا أو عرضا لجاز عليه ما يجوز على سائر الجواهر والأعراض . وإذا لم يكن جوهرا ولا عرضا لم يجز عليه ما يجوز على الجواهر من حيث أنها جواهر كالتأليف والتجسيم ، وشغل الأمكنة والحركة والسكون ، ولا ما يجوز على الأعراض من حيث أنها أعراض كالحدوث وعدم البقاء . اهـ
وقال أيضأ في الشعب 1/112 : فصل في معرفة الله عز وجل ومعرفة صفاته وأسمائه حقيقة المعرفة أن تعرفه موجودا قديما . لم يزل ولا يفنى ، أحدا ، صمدا ، شيئا ، واحدا لا يتصور في الوهم ، ولا يتبعض ، ولا يتجزأ ، ليس بجوهر ، ولا عرض ، ولا جسم ، قائما بنفسه ، مستغنيا عن غيره ، حيا ، قادرا ، عالما ، مريدا ، سميعا ، بصيرا ، متكلما ، له الحياة ، والقدرة ، والعلم ، والإرادة ، والسمع ، والبصر ، والكلام ، لم يزل ولا يزال هو بهذه الصفات ، ولا يشبه شيء منها شيئا من صفات المصنوعات ، ولا يقال فيها : أنها هو ولا غيره ، ولا هي هو وغيره . ولا يقال أنها تفارقه ، أو تجاوزه أو تخالفه ، أو توافقه أو تحله ، بل هي نعوت له أزلية ، وصفات له أبدية تقوم به ، موجودة بوجوده ، دائمة بدوامه ، ليست بأعراض ولا بأغيار ، ولا حالة في أعضاء ، غير مكيفة بالتصور في الأذهان ، ولا مقدورة بالتمثيل في الأوهام ، فقدرته تعم المقدورات ، وعلمه يعم المعلومات ، وإرادته تعم المرادات . لا يكون إلا ما يريد ، ولا يريد ما لا يكون ، وهو المتعالي عن الحدود والجهات ، والأقطار ، والغايات ، المستغني عن الأماكن والأزمان ، لا تناله الحاجات ، ولا تمسه المنافع والمضرات ، ولا تلحقه اللذات ، ولا الدواعي ، ولا الشهوات ، ولا يجوز عليه شيء مما جاز على المحدثات ، فدل على حدوثها . ومعناه أنه لا يجوز عليه الحركة ولا السكون ، والاجتماع والافتراق ، والمحاذاة والمقابلة ، والمماسة والمجاورة ، ولا قيام شيء حادث به ، ولا بطلان صفة أزلية عنه . ولا يصح عليه العدم . ويستحيل أن يكون له ولد ، أو زوجة ، أو شريك ، قادر على إماتة كل حي غيره ، ويجوز منه إفناء كل شيء غيره ، وإعادته الأجسام بعده ، وخلق أمثالها من غير قصر على حد . قادر على كل شيء يتوهم على الانفراد حدوثه ، له الملك ، وله الحكم . كل ما أنعم به بفضل منه ، وكل ما أكرمه عدل منه ، لا يجوز عليه جور ولا يصح منه ظلم . اهـ
وقال رحمه الله تعالى وهو يبين معاني أسماء الله تعالى : العلي : وله معان : منها : أنه علي عن المالك والآمر والناهي والتحديد والرسم والمنع والإيجاب . ومنها : أنه علي عن الحاجة إلى الخلائق والخلق ، ومنها : أنه لا يسأل عما يفعل ، ولا يحاسب على ما يقبض . العظيم : وله معان : منها : أ