الزاوية الهبرية الدرقاوية الشاذلية مداغ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الشيخ سيدي محمد مختار الهبري رضي الله عنه شيخ الطريقة الهبرية مداغ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 "أول بدعة في العقيدة ظهرت في الإسلام"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لزاوي محمد مقدم الطريقة

لزاوي محمد مقدم الطريقة


عدد المساهمات : 265
تاريخ التسجيل : 01/08/2015
العمر : 44

"أول بدعة في العقيدة ظهرت في الإسلام" Empty
مُساهمةموضوع: "أول بدعة في العقيدة ظهرت في الإسلام"   "أول بدعة في العقيدة ظهرت في الإسلام" Emptyالخميس مارس 31, 2016 7:07 pm

"أول بدعة في العقيدة ظهرت في الإسلام"
أجمع علماء الأمة المحققون أن أول بدعة (في العقيدة) ظهر في الإسلام كانت عقدة التشبيه والتجسيم !!
تجمع كتب الملل والنحل على أن ظاهرة التشبيه والتجسيم ظهرت في صورتها العقدية الأولى في دوائر الشيعة الغلاة الذين غلوا في حق علي رضي الله عنه، وقالوا فيه قولاً عظيماً بلغ حد التأليه.
ظهر في زمان الإمام علي رضي الله عنه السبأية أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي حيث سموا علياً إلهاً وشبهوه بذات الإله، ولما أحرق قوماً منهم قالوا له: "الآن علمنا أنك إله لأن النار لا يعذب بها إلا إله".(1)
ويقرب البغدادي مذاهب المشبهة والمجسمة بعد تمحيص مقالاتهم على مستويين:
ــ المستوى الأول:
صنف من المشبهة اتجهوا في تشبيههم نحو الذات الإلهية مباشرة فشبهوها بذات غيره.
ــ المستوى الثاني:
مشبهة شبهوا صفاته تعالى بصفات غيره، ويجعل السبأية على قائمة المستوى الأول.(2)
ومن الروافض الغلاة الذين اتخذوا التشبيه مذهباُ لهم:
1) - البيانية:
أتباع بيان بن سمعان التميمي الذي قتله خالد بن عبد الله القسري.(3)
وهؤلاء يقولون إن الله عز وجل على صورة الإنسان، وانه يهلك كله إلا وجهه.
2) ـ المغيرية:
أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي، وهؤلاء يزعمون أن معبودهم رجل من نور على رأسه تاج، وله من الأعضاء والخلق مثل الرجل، وله جوف وقلب تنبع منه الحكمة.(4)
3) - المنصورية:
أتباع أبي منصور العجلي، الذي شبه نفسه بربه وأن الله مسح يده على رأسه وقال له: أي بني، انزل فبلغ عني ثم هبط إلى الأرض، فهو حسب زعمه الكسف الساقط من السماء.(5)
4 - الخطابية:
أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع مولى بني أسد زعم أن الأئمة آلهة كما زعم أتباعه أنه إله.(6)
5) - الهاشمية:
أصحاب الهاشميين: هشام بن الحكم صاحب المقالة في التشبيه وهشام بن سالم الجواليقي الذي نسج على منواله في التشبيه.
وقد زعم هشام بن الحكم أن بين معبوده وبين الأجسام تشابها ما بوجه من الوجوه... وأنه جسم ذو أبعاض له قدر من الأقدار. ولكن لا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يشبهه شيء.
وهذه النظرة الأسطورية إلى الإله هي جعلت بشر بن المعتمر الهلالي أحد أقطاب التيار الاعتزالي يصف توحيد هشام بن الحكم بكونه ضرباً من الوهم فقال:
تَلَعَّبْتَ بِالتَّوْحِيدِ حَتَّى كَأَنَّمَا === تُحَدِّثُ عَنْ غُولٍ بِبَيْدَاْءِ سَمْلَقِ
وذلك " لأن الغول عند العرب تقلب نفسها من صورة إلى أخرى، كذلك هشام بن الحكم قال فيه مقالات كثيرة، فمرة قال: نور يتلألأ، ومرة قال: من حيث جئته رأيته، ومرة قال: هو مثل الإنسان". (7)
أما هشام بن سالم فقد زعم أن معبوده على صورة إنسان أعلاه مجوف، وأسفله مصمت. وهو نور ساطع يتلألأ، وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وأذن وفم وله وفرة سوداء لكنه ليس بلحم ولا دم.(Cool
6) - اليونسية:
أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين الذي زعم أن الله تعالى يحمله حملة عرشه، وإن كان هو أقوى منهم كما أن الكُرْكِي – طائر- تحمله رجلاه وهو أقوى من رجليه.(9)
أما المشهبة على مستوى الصفات فهم أصناف أيضاً، ويمدنا الإمام الأشعري بقائمة الروافض الذين اتجهوا في تشبيههم إلى صفاته تعالى فقد زعمت الزرارية أصحاب زرارة بن أعين الرافضي: "أن الله لم يزل غير سميع ولا بصير حتى خلق ذلك لنفسه".(10)
وفي الاتجاه نفسه تزعم بعض فرق الروافض: "أن الله عز وجل لا يوصف بأنه لم يزل إلها قادرا ولا سميعا بصيرا حتى يحدث الأشياء، لأن الأشياء التي كانت قبل أن تكون ليست بشيء، ولن يجوز أن يوصف بالقدرة لا على شيء، وبالعلم لا بشيء، وكل الروافض إلا شرذمة قليلة يزعمون أنه يريد الشيء ثم يبدو له فيه".(11)
وتذهب النعامية: أصحاب محمد بن النعمان أبي جعفر الأحول الملقب بشيطان الطاق وكثير من الروافض إلى "أن الله عالم في نفسه ليس بجاهل، ولكنه إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها، فأما من قبل أن يقدرها ويريدها فمحال أن يعلمها. لا لأنه ليس بعالم، ولكن الشيء لا يكون شيئا حتى يقدره وينشئه بالتقدير، والتقدير عندهم الإرادة".(12)
ويدرج البغدادي ضمن مشبهي الصفات معتزلة البصرة الذين شبهوا إرادة الله تعالى بإرادة خلقه "وزعموا أن الله تعالى عز وجل مراده بإرادة حادثة... وأن إرادته من جنس إرادتنا ثم ناقضوا هذه الدعوى بأن قالوا يجوز حدوث إرادة الله عز وجل لا في محل، ولا يصح حدوث إرادتنا، لأن الشيئين إذا كانا متماثلين ومن جنس واحد جاز على كل واحد منهما ما يجوز على الآخر واستحال في كل واحد منهما ما يستحيل على الآخر".(13)
ونستخلص من كل ما سبق أن آراء الروافض ابتعدت كثيرا عن مقاصد الإسلام العقدية، بل إن البغدادي يعتبر الروافض الغلاة خارجين عن دين الإسلام وإن انتسبوا في الظاهر إليه.(14)
ويربط الشهرستاني بين مقالات الغلاة ومذاهب المشبهة من الحلولية والتناسخية واليهود والنصارى، خصوصا وأن ظاهرة التشبيه والتجسيم فاشية في الفكرين اليهودي والمسيحي قديما وحديثا " إذ اليهود شبهت الخالق بالخلق. والنصارى شبهت الخلق بالخالق فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة".
وإذا كان التشبيه – كما يقول الشهرستاني- بالأصل والوضع في الشيعة فهل كان لمقالات المشبهة تأثير على الفكر السني؟ أو بعبارة أخرى: هل وجد في دوائر أهل السنة من سقط في متاهات التشبيه؟
إن مقالة التشبيه عند أهل السنة – ونقصد بأهل السنة في هذا الموضع المعنى الأعم، وهو ما يقابل الشيعة - تبدو غير ناضجة، أو تنتهي حتما إلى التنزيه الذي هو مقصد عقدي تدندن حوله جميع الفرق الإسلامية، بل إن التشبيه الذي لزم بعض المشتغلين بالحديث جاء كرد فعل طبيعي أمام توغل التيار الاعتزالي في علم الكلام ولو على حساب النص الديني.
وفي هذا الصدد يقرر الشهرستاني: " أن السلف من أصحاب الحديث لما رأوا توغل المعتزلة في علم الكلام ومخالفة السنة التي عهدوها من الأئمة الراشدين ونصرهم جماعة من أمراء بني أمية على قولهم بالقدر وجماعة من خلفاء بني العباس على قولهم بنفي الصفات وخلق القرآن تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في متشابهات آيات الكتاب الحكيم، وأخبار النبي الأمين صلى الله عليه وسلم".(15)
وقد برز في هذا الاتجاه تياران متباينان:
التيار الأول: جماعة من أئمة السلف ساروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث مثل مالك بن أنس وهؤلاء: "سلكوا طريق السلامة فقالوا: نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة، ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعا أن الله عز وجل لا يشبه شيئا من المخلوقات، وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدره، وكانوا يحترزون عن التشبيه إلى غاية أن قالوا: من حرك يده عند قراءة قوله تعالى: {قَالَ يَإِ بْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ اَلْعالِينَ} [سورة ص 74]. أو أشار بإصبعيه عند روايته "قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن" وجب قطع يده وقلع إصبعيه... واحتاط بعضهم أكثر احتياط حتى لم يقرأ اليد بالفارسية ولا الوجه ولا الاستواء ولا ما ورد من جنس ذلك: بل إن احتاج في ذكره إلى عبارة عبر عنها بما ورد لفظا بلفظ. فهذا هو طريق السلامة وليس هو من التشبيه في شيء".(16)
ويجعل الشهرستاني الإمام أحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني الظاهري من رواد هذه الجماعة السلفية الأولى.
التيار الثاني: جماعة من أصحاب الحديث تابعوا الشيعة الغالية في التصريح بالتشبيه. وهما يشتركان معا في لقب "الحشوية"(*) ويذكر الإمام الأشعري مقالات مشبهة الحشوية من أهل الحديث، وفي مقدمتهم مضر بن محمد بن خالد بن الوليد وكهمس بن الحسن أبو عبد الله البصري ورقبة بن مصقلة حيث أجاز كثير ممن أجاز رؤيته في الجنة مصافحته وملامسته ومزاورته إياهم، وقالوا: إن المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا أرادوا ذلك...
ويظهر حسب ما يذكره الشهرستاني أن مذهب الحشوية يقوم على أساس إثبات جميع الصفات الخبرية إثباتا ماديا محضا ينتهي إلى التجسيم.
وفي هذا الصدد يقرر الشهرستاني أن هؤلاء المشبهة عمدوا إلى "ما ورد من التنزيل من الاستواء والوجه واليدين والجنب والمجيء والإتيان والفوقية وغير ذلك فأجروها على ظاهرها، أعني ما يفهم عند الإطلاق على الأجسام وكذلك ما ورد في الأخبار من الصورة وغيرها في قوله عليه الصلاة والسلام: "خَلِقَ آدَمُ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ"(*)
وقوله: "حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ قَدَمَهُ فِي النَّارِ"(**)
وقوله: "قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ"(***)... إلى غير ذلك أجروها على ما يتعارف في صفات الأجسام.
وزادوا في الأخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأكثرها مقتبسة من اليهود، فإن التشبيه فيهم طباع...(17)
وقد امتدت مقالات الحشوية إلى بعض العلماء المحسوبين على التيار السني، كما هو الشأن بالنسبة لمقاتل بن سليمان (تـ 150 هـ) الذي يضعه الشهرستاني على قائمة أئمة السلف الذين سلكوا طريقة السلامة في هذا الموضع الشائك = علاقة الذات بالصفات. لكن أبا الحسن الأشعري يقدم لنا مقاتلا ضمن قائمة المشبهة الذين جمعوا بين الإرجاء والتشبيه.
ويبدو أن مقاتلا كان صاحب فرقة كلامية حملت آراءه العقدية وناضلت عنها. وفي هذا الصدد يقرر الأشعري أن أصحاب مقاتل يقولون: "إن الله جسم وأن له جمة وأنه على صورة الإنسان لحم ودم وشعر وعظم، له جوارح وأعضاء من يد ورجل ورأس وعينين مصمت وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه".(18)
ويربط الأشعري بين داود الجواربي أحد الشيعة الحشوية –ومقاتل بن سليمان في تبني مذهب المجسمة. فيقرر أنهما يقولان: "إن الله جسم وأنه جثة على صورة الإنسان لحم ودم وشعر وعظم له جوارح وأعضاء من يد ورجل ولسان ورأس وعنين وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه".(19)
وداود الجواربي هذا هو صاحب المقولة الشنيعة: "أعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك" وزعم أن: "معبوده جسم، ولحم، ودم، وله جوارح وأعضاء من يد ورجل ورأس ولسان وعينين وأذنين، ومع ذلك جسم لا كالأجسام. ولحم لا كاللحوم، ودم لا كالدماء وكذلك سائر الصفات وهو لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء".(20)
وحكي عنه انه كان يقول: "أجوف من فيه إلى صدره، ومصمت ما سوى ذلك".(21)
ونستنتج من خلال عرضنا لهذه الآراء أن ظاهرة التشبيه والتجسيم شارك فيها مشبهة الحشوية والشيعة الحشوية المجسمة. وأن مدرسة مقاتل بن سليمان كما يقرر علي سامي النشار: "... كانت تعبر عن الله تعبيرا ماديا ملموسا وتراه كائنا ماديا إنسانيا عاليا، وكان هذا يكفي لجذب الدهماء والجمهور الذي استهوته فكرة جسمية الله وعدم بعده عن البشر، وعدم سلبيته. لقد كانت الجهمية والمعتزلة تجرده من كل إثبات وتجعله وهما، فجاء مقاتل بن سليمان أو سبق مقاتل بن سليمان الجهمية في وضع إطار معين لله. فأثبت له كل شيء وجعله "صنما" وهذا ما جعل أهل السنة والجماعة من الأشاعرة يبغضون مقاتلا ويبغضون التشبيه والتجسيم بعضهم أو أكثر للمعتزلة رواد التنزيه المطلق".(22)
وإذا ما انتقلنا إلى الكرامية التي سبق التعريف بها نرى ظاهرة التشبيه والتجسيم تأخذ أبعادا عقدية خطيرة، فإن ابن كرام الذي بدأ حياته الفكرية مثبتا للصفات نراه يتحول إلى التشبيه والتجسيم. ويظهر أن الفكرة التي استقر عليها مذهب ابن كرام هي القول بأن: "معبوده على العرش استقرارا، وأنه بجهة فوق ذاتا وأطلق عليه اسم الجوهر... وأنه أحدي الذات، أحدي الجوهر، وأنه مماس للعرش من الصفحة العليا، وجوز الانتقال والتحول والنزول".(23)
وهذه النظرة المادية البحتة للذات المقدسة هي التي فتحت لأصحاب ابن كرام باب (الاجتهاد) في تفسير كيفية الاستواء: " فمنهم من زعم أن كل العرش مكان له، وأنه لو خلق بإزاء العرش عروشا موازية لعرشه لصارت العروش كلها مكانا له، لأنه أكبر منها، وهذا القول يوجب عليهم أن يكون عرشه اليوم كبعضه في عرضه. ومنهم من قال: إنه لا يزاد على عرشه في جهة المماسة ولا يفضل منه شيء على العرش، وهذا يقتضي أن يكون عرضه كعرض العرش".(24)
ومعنى لفظ "المماسة" أو "الملاقاة" في الفكر الكرامي: "أنه لا يصح وجود جسم بينه وبين العرش إلا بأن يحيط العرش إلى أسفل".(25)
وقد حفل الفكر الكرامي بمصطلحات عقدية كلها تشبيه وتجسيم أودعها ابن كرام في كتابه الذي يحمل عنوان: "عذاب القبر".
وقد احتفظ لنا الحافظ البغدادي بعناوين غريبة لأبواب هذا الكتاب يقول البغدادي: "ثم إن ابن كرام ذكر في كتابه المعروف بعذاب القبر، بابا له ترجمة عجيبة فقال: باب في كيفوفية الله عز وجل" ولا يدري العاقل مماذا يتعجب أمن جسارته على إطلاق لفظ الكيفية في صفات الله تعالى، أم من قبح عبارته عن الكيفية بالكيفوفية... وقد عبر عن مكان معبوده في بعض كتبه بالحيثوثية، وهذه العبارات السخيفة لائقة بمذهبه السخيف".(26)
وعموما فإن المدرسة الكرامية جاءت ببدع كثيرة شملت معظم مباحث العقيدة الإسلامية. فابتعدت بذلك عن منطق الاعتقاد القائم على نصوص الكتاب العزيز، والسنة النبوية الصحيحة وإجماع السلف الصالح. كما كانت الكرامية دائما هدفا للنقد من لدن مفكري أهل السنة والجماعة الذين تتبعوا مقالاتها وردوا ضلالاتها وربطوا في كثير من الأحيان بينها وبين مذهب الثنوية في التعبير عن الذات المقدسة تعبيرا ماديا ملموسا، أو إرجاع ذلك إلى الفكر الديني المسيحي.
وفي هذا الصدد يقرر البغدادي أن ابن كرام: "دعا أتباعه إلى تجسيم معبوده. وزعم أنه جسم له حد ونهاية من تحته، والجهة التي منها يلاقي عرشه، وهذا شبيه بقول الثنوية إن معبودهم الذي سموه نورا من الجهة التي تلاقي الظلام... وقد وصف ابن كرام معبوده في بعض كتبه بأنه جوهر كما زعمت النصارى أن الله جوهر. وذلك أنه قال في خطبة كتابه المعروف بكتاب "عذاب القبر": إن الله تعالى أحدي الذات، أحدي الجوهر".(27)
وإذا كان التشبيه قد تسرب لطوائف من الفرق الإسلامية فإن العقيدة الأشعرية ظلت بعيدة كل البعد عن هذا الأمر، وهذا راجع إلى تعامل أئمة هذه العقيدة مع ظاهرة التشبيه بوصفها دخيلة على جوهر التوحيد الإسلامي، وبذلك سما خطابهم إلى مستوى تحقيق التنزيه المطلق انسجاما مع روح النص المحمكم: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )[الشورى : 11].
لقد أجمع أئمة العقيدة الإسلامية السنية الصحيحة ـــ كما أصل أصولها وقعد قواعدها الإمام أبو الحسن الأشعري ـــ على حدوث العالم، ووجود البارئ تعالى، وأنه لا خالق مبدع سوى الله تعالى، وأنه سبحانه قديم لم يزل ولا يزال، وأنه متصف بصفات الجلال من العلم والقدرة والإرادة ...
وأنه سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير، وأنه لا يحل في شيء، ولا هو محل للحوادث، وأنه ليس في جهة ولا حيز، ولا يجوز عليه الحركة والانتقال، وأنه يستحيل عليه الجهل والكذب وسائر صفات النقص، وأنه لا شريك له، ولا ضد ولا ند، وأنه مرئي للمؤمنين في الآخرة، وأنه لا يكون إلا ما يريد، وما أراده فهو كائن، وأنه غني عن خلقه غير محتاج إلى شيء، وأنه لا يجب عليه شيء، بل إن أثاب فبفضله، وإن عاقب فبعدله، وأنه برئ من المقاصد والأغراض في فعله، لا يوصف فيما يفعل بجور ولا ظلم...
وأجمعوا على المعاد والمجازاة والمحاسبة وخلق الجنة والنار وخلود نعيم أهل الجنة، وخلود عذاب أهل النار من الكفار، وجواز العفو عن المذنبين، وشفاعة الشافعين. وعلى جواز بعثة الرسل، والاعتراف بكل من بعث وأيد بالمعجزات من الرسل والأنبياء، من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وأن أهل الرضوان وأهل بدر من أهل الجنة ... ووجوب نصب الإمام.(28)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 )- الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 214. مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 15.
(2 )- الفرق بين الفرق، ص: 214. مقالات الإسلاميين، ص: 5. الملل والمحل للشهرستاني، 1/174.
(3 )- مقالات الإسلاميين، ص: 5. الفرق بين الفرق، ص: 214. الملل والنحل للشهرستاني، 1/152.
(4 )- مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 9. الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 214. التبصير في الدين للاسفرايني، ص: 125. الملل والنحل للشهرستاني، 1/176. منهاج السنة النبوية لابن تيمية، 2/503.
(5 )- مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 9. الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 214. التبصير في الدين للاسفرايني، ص: 125. الملل والنحل للشهرستاني، 1/178. منهاج السنة النبوية لابن تيمية، 2/504.
(6 )- مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 10. الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 214. التبصير في الدين للاسفرايني، ص: 126. الملل والنحل للشهرستاني، 1/179. منهاج السنة النبوية لابن تيمية، 2/506.
(7 )- طبقات المعتزلة، تأليف أحمد بن يحيى بن المرتضى، ص 45.
(8 )- مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 207. الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 216. الملل والنحل للشهرستاني، 1/184.
(9)-مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 35. الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 216. الملل والنحل للشهرستاني، 1/189.
(10)- مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 36.
(11)- المصدر السابق، ص: 36.
(12)-مقالات الإسلاميين للأشعري، ص: 37. الملل والنحل للشهرستاني، 1/186.
(13)- الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 217.
(14)- المصدر السابق، ص: 215.
(15)- الملل والنحل للشهرستاني، 1/103.
(16)- المصدر السابق، 1/104.
(17)- مقالات الإسلاميين لإمام الأشعري، ص: 214.
(18)- مقالات الإسلاميين، لإمام الأشعري، ص: 152.
(19)- مقالات الإسلاميين، لإمام الأشعري، ص: 209.
(20)- الملل والنحل للشهرستاني، 1/105.
(21)- مقالات الإسلاميين، للإمام الأشعري، ص: 209.
(22)- نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، سامي النشار، 1/291.
(23)- الملل والنحل للشهرستاني، 1/108.
(24)- الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 204.
(25)- المصدر السابق، ص: 204.
(26)- المصدر السابق، ص: 207.
(27)- الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 203. انظر أيضا: - مقالات الإسلاميين للإمام الأشعري، ص: 141. - الملل والنحل للشهرستاني، 1/108. - الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الأندلسي، 2/265. - التبصير في الدين لأبي المظفر الإسفرايني، ص: 111. - نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، سامي النشار، 1/297.
(28) أبكار الأفكار في أصول الدين، لسيف الدين الآمدي 5/96.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://habriya.7olm.org
 
"أول بدعة في العقيدة ظهرت في الإسلام"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العقيدة المجسمة
» بدعة: "لا يجوز الخروج عن فقه السلف"
» "بدعة استبدال مصطلح السلفية بالإسلام"
» "عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية"3
» "عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية"2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الزاوية الهبرية الدرقاوية الشاذلية مداغ :: موقع الزاوية الهبرية الدرقاوية الشاذلية :: الزاوية الهبرية مداغ =لدخول لمجموع المواضيع من هنا-
انتقل الى: